كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)

(ش) (الرجال) (أبو إسحاق) هو إبراهيم بن إسحاق بن عيسى. روى عن ابن المبارك ومالك والدراوردي والوليد بن مسلم ومعتمر بن سليمان وابن عيينة وآخرين. وعنه أحمد بن حنبل والحسين بن منصور والحسين ومحمَّد البلخي وعباس الدورى وجماعة. وثقه يعقوب بن شيبة وابن معين وقال أبو حاتم صدوق وقال ابن حبان يخطئ ويخالف. توفي سنة أربع عشرة أو خمس عشرة ومائتين. روى له أبو داود وابن ماجه.
و(الطالقاني) نسبة إلى طالقان بكسر اللام بلد بخراسان وأخرى بقزوين. و (العتكي) نسبة إلى بني عتيك فخذ من الأزد
(معنى الحديث)
(قوله الوتر حق) أي ثابت وهو مصدر حق الشيء ثبت
(قوله فمن لم يوتر فليس منا) أي ليس من أهل طريقتنا.
(واستدل به) أبو حنيفة على وجوب الوتر قال لأن هذا وعيد شديد ولا يكون مثله إلا لترك فرض أو واجب لا سيما وقد تأكد بالتكرار.
وأجيب عنه بأنه محمول على تأكد سنية الوتر جمعًا بينه وبين الأحاديث الدالة على عدم الوجوب. وقد جاء الوعيد بأنه محمول على تأكد سنية الوتر جمعًا بينه وبين الأحاديث الدالة على عدم الوجوب.
وقد جاء الوعيد الشديد أيضًا على ترك السنة كثيرًا. منه ما ورد في نظر المصلي إلى موضع سجوده فقد روى أحمد ومسلم والنسائي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أولتخطفن أبصارهم.
وروى البخاري وأبو داود وغيرهما عن أنس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال لينتهن أولتخطفن أبصارهم.
ومنه ما ورد في تسوية الصفوف في الصلاة والمتقدم إلى الصف الأول فقد روى أحمد والطبراني عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله تعالى عيه وعلى آله وسلم قال لتسون الصفوف أولتطمسن الوجوه أولتخطفن أبصاركم وروى مالك والبخاري وأبو داود وغيرهم عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول لتسون صفوفكم أوليخالفن الله بين وجوهكم وعن عائشة مرفوعًا لا يزال قوم يتأخرون على الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار.
رواه المصنف في باب صف النساء والتأخر عن الصف الأول من الجزء الخامس. إلى غير ذلك من الروايات التي فيها الوعيد على ترك السنة إذا علمت ما تقدم تعلم أن الراجح القول بسنية الوتر كما عليه الجمهور وأبو يوسف ومحمَّد من الحنفية
قال في الروضة الندية والحق أن الوتر سنة هوآكد السنن بينه عليّ وابن عمر وعبادة بن الصامت وإليه ذهب أكثر العلماء اهـ
وذكر محمَّد بن نصر في قيام الليل أدلة كثيرة على أن الوتر سنة قال: إن الصلوات المكتوبات الموظفات على العباد في اليوم والليلة هي خمس صلوات وما زاد على ذلك فتطوع ثم اتفاق الأمة على أن الصلوات المكتوبات هي خمس لا أكثر.
ودليل آخر وهو وتر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بركعة وبثلاث وبخمس وسبع وأكثر من ذلك, فلو كان الوتر فرضًا لكان مؤقتًا معروفًا عدده لا يجوز أن يزاد فيه ولا ينقص منه كالصلوات

الصفحة 45