كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)

بأنها مثنى مثنى ولم يسأله عن الوتر وأما السبع والخمس والتسع والواحدة فهي صلاة الوتر، والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها وللخمس والسبع والتسع المتصلة كالمغرب اسم للثلاث المتصلة، فإن انفصلت الخمس والسبع بسلامين كالإحدي عشرة كان الوتر اسمًا للركعة المفصولة وحدها كما قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة توتر له ما قد صلى فاتفق فعله صلى الله تعالى وعلي آله وسلم وقوله وصدق بعضه بعضًا اهـ
وقال في الروضة الندية والحاصل أن لصلاة الليل باعتبار وترها ثلاث عشرة صفة كما ذكر ذلك ابن حزم في المحلي فالقول بأن الوتر ثلاث ركعات فقط لا يجوز الإتيان بغيرها ضيق عطن وقصور باع ولمثل هذا صار أكثر فقهاء العصر لا يعرفون الوتر إلا بأنها ثلاث ركعات بعد صلاة العشاء حتى إن كثيرًا منهم يكون له قيام في الليل وتهجد فتراه يصلي الركعات المتعددة ويظن أن الوتر شيء قد فعله وأنه لا تعلق له بهذه الصلاة التي يفعلها في الليل وهو لا يدري أن الوتر هو ختام صلاة الليل وأنه لا صلاة بعده إلا الركعتان المعروفتان بسنة الفجر، وكثيرًا ما يقع الإنسان في الابتداع وهو يظن أنه في الاتباع، والسبب عدم الشغل بالعلم وسؤال أهل الذكر.
وأما ما روي عن الحسن البصري أنه قال أجمع المسلمون علي أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن. فإن أراد أن الإجماع وقع علي هذا القدر وأنه لا يجوز الإيتار بغيره فهو من البطلان بمكان لا يخفي علي عازف فهذه الدفاتر الإِسلامية الحاكية لمذاهب الصحابة الذين أدركهم الحسن البصري ولمذاهب التابعين الذين هو واحد منهم قاضية بخلاف هذه الحكاية وهي بين أيدينا.
وإن أراد أن هذه الصفة هي إحدي صفات الوتر فنحن نقول بموجب ذلك فقد روي الإيتار بثلاث ولكنه روي النهي عن الإيتار بثلاث كما أوضح ذلك الماتن رحمه الله في شرح المنتقي فتعارضت رواية الثلاث وروية النهي والعالم بكيفية الاستدلال لا يخفى عليه الصواب اهـ
(والحديث) أخرجه أيضًا النسائي وابن ماجة والطحاوي والدارقطني والبيهقي والحاكم مرفوعًا، ورواه الحاكم والدارقطني من عدة طرق موقوفًا، قال في التلخيص وصحح أبو حاتم والذهلي والدارقطني في العلل والبيهقي وغير واحد وقفه وهو الصواب اهـ.

(باب ما يقرأ في الوتر)
(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا أَبُو حَفْصٍ الأَبَّارُ ح وَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ -وَهَذَا لَفْظُهُ- عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ وَزُبَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-

الصفحة 51