كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)
القرآن من الليالي ثلاث أو خمس أوسبع. ولا تنافي بين هذه الروايات لاحتمال تعدد مراجعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لابن عمرو , فمرة اقتصر على ثلاث ومرة على خمس ومرة على سبع , ولا مانع من أن يتعدد قول النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم له في ذلك.
ويؤيده الاختلاف الواقع في السياق. وكان ابن مسعود يقرأ القرآن من الجمعة إلى الجمعة وفي رمضان في كل ثلاث وما يتسعين عليه بالنهار إلا باليسير وقال من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز هذّه كهذ الشعر أو ناثر كنثر الدقل أي ردئ التمر. وكان معاذ بن جبل لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث. وكان عثمان بن عفان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة ويختم ليلة الخميس. وكان تميم الداري يختمه في كل اسبوع.
(وأخذ) من أحاديث الباب كمال رفقه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالأمو وإرشادهم إلى ما فيه فلاحهم وحثهم على ما يطيقون الدوام عليه وبعدهم عن التعمق والإكثار من العبادة التي يخاف عليهم الملل بسببها فيتركون العبادة, ويقوي ذلك ما تقدم بالسابع في باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة من حديث اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا
(باب تحزيب القرآن)
أي تجزئته أحزابًا. وتقدم أن الحزب ما يجعله الشخص على نفسه من الطاعات
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ أَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ الْهَادِ قَالَ سَأَلَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ فَقَالَ لِي فِي كَمْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقُلْتُ مَا أُحَزِّبُهُ. فَقَالَ لِي نَافِعٌ لاَ تَقُلْ مَا أُحَزِّبُهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "قَرَأْتُ جُزْءًا مِنَ الْقُرْآنِ". قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.
(ش) (ابن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم تقدم بالأول صفحة 100. و (ابن الهاد) يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد تقدم بالثالث 174
(قوله ما أحزبه) يعني لأ اجعله أحزابًا مقدرة في كل ليلة بل اقرؤه على حسب النشاط
(قوله لا تقل ما أحزبه الخ) لعله أنكر عليه ذلك لما فهمه من أنه لا يطلق على القرآن إلا ما ورد, وهو لا يعلم أن الحزب ورد إطلاقه على بعض القرآن وما علم إلا الجزء كما ذكره, ولو علم ما في حديث أوس بن حذيفة بعد من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم طرأ عليّ حزبي, ومن قول أوس كيف تحزبون القرآن ما أنكر عليه, ويحتمل أنه أراد لا تنكر التحزيب فإنه صلى الله تعالى عليه
الصفحة 6
352