كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)

شَنُوءَةَ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ فِي سَفَرٍ وَلاَ حَضَرٍ رَكْعَتَيِ الضُّحَى وَصَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ وَأَنْ لاَ أَنَامَ إِلاَّ عَلَى وِتْرٍ.
(ش) (رجال الحديث) (ابن المثني) هو محمَّد تقدم بالأول ص 68، وكذا (أبو داود) الطيالسي ص 273 و (أبو سعيد) الأزدهي أزد شنوءة كما في المصنف، روي عن أبي هريرة وعنه قتادة، ذكره ابن حبان في الثقات روي له أبو داود والترمذي وابن ماجه.
(معنى الحديث)
(قوله أوصاني خليلي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم بثلاث) يعني بثلاث خصال من خصال الخير. والخليل الصديق الذي تخللت محبته القلب، وأراد أبوهريرة بالخلة مجرد الصحبة والمحبة فلا يقال إن الخلة لا تتم حتى تكون من الجانبين فيكون منافيًا لقوله صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم لو كنت متخذًا خليلًا غير ربي لأتخذت أبا بكر خليلًا
(قوله لا أدعهن في سفر ولا حضر) وفي رواية البخاري لا أدعهن حتى أموت، وفي رواية النسائي لا أدعهن إن شاء الله أبدًا، وهو من كلام أبي هريرة، وأتى به حرصًا على ما أوصاه به صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم ويحتمل أن يكون من جملة الوصية أي أوصاني بثلاث وأوصاني أن لا أدعهن
(قوله ركعتي الضحى الخ) بيان للثلاث، وفي رواية أحمد ركعتي الضحى في كل يوم، وذكر الركعتين لأنهما أقل ما يكون فيها، ويحتمل أنه أراد بالركعتين صلاة الضحى مطلقًا أعم من أن تكون ركعتين أو أكثر كما صرح بذلك في رواية للبخاري أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى (الحديث)
(قوله وصوم ثلاثة أيام من الشهر) يحتمل أن يراد بها الأيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ويحتمل أن يراد بها ثلاثة من الشهر مطلقًا متتابعة أم لا، وقيل يوم من أوله ويوم من آخره ويوم من وسطه، وقيل يوم من أول كل عشرة
(قوله وأن لا أنام إلا علي وتر) وفي نسخة إلا عن وتر وفي رواية للبخاري من طريق أبي عثمان الهدي ونوم علي وتر، وفي رواية له عن أبي التياح وأن أوتر قبل أن أنام، وأوصاه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بذلك لعلمه بأنه الأليق بحالة فلا ينافي أن الأفضل تأخير الوتر إلى آخر الليل. وقال ابن حجر سببه أنه رضي الله عنه كان يشتغل أول الليل باستحضار محفوظاته من الأحاديث الكثيرة التي لم يسايره في حفظ مثلها أكثر الصحابة فكان يمضي عليه جزء كبير من أول الليل فلم يكد يطمع في الاستيقاظ آخره فأمره صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم بتقديم الوتر لذلك اهـ

الصفحة 71