كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)

واقتصر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الوصية على الصلاة والصوم لأنهما أشرف العبادات البدنية، وخصت الصلاة بشيئين لأنها تقع ليلًا ونهارًا وخصت الضحى لأنها تجزئ عن الصدقات التي تطلب علي مفاصل الإنسان في كل يوم كما تقدم، وخص الوتر لأنه أكد السنن
(فقه الحديث) دل الحديث علي تأكد استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان. قال الحافظ في الفتح وعدم مواظبته صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم علي فعلها لا ينافي استحبابها لأنه حاصل بدلالة القول وليس من شرط الحكم أن تتظافر عليه أدلة القول والفعل، لكن ما واظب النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم علي فعله مرجح علي ما لم يواظب عليه اهـ
ودل الحديث علي فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر. والحكمة في ذلك تمرين النفس علي الصيام لتدخل في الواجب منه بانشراح ولينجبر به ما لعله يقع من نقص في الفرض ودل علي استحباب تقديم الوتر على النوم لكن ذلك في حق من لم يثق بالاستيقاظ آخر الليل وإلا فالأفضل تأخيره لحديث اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا.
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والنسائي وابن نصر.

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ نَا أَبُو الْيَمَانِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ السَّكُونِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ "أَوْصَانِي خَلِيلِي -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ لِشَىْءٍ أَوْصَانِي بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَلاَ أَنَامُ إِلاَّ عَلَى وِتْرٍ وَبِسُبْحَةِ الضُّحَى فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ.
(ش) (رجال الحديث) (أبو اليمان) الحكم بن نافع البهراني مولاهم الحمصي روي عن شعيب بن أبي حمزة وحريز بن عثمان وصفوان بن عمرو وسعيد بن عبد العزيز وآخرين وعنه البخاري وعبد الوهاب بن نجدة والذهلي وأبو مسعود الرازي وأبو حاتم وجماعة. وثقه ابن عمار وقال العجلي لا بأس به وقال أبو حاتم نبيل ثقة صدوق قيل مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين، روى له الجماعة،
و(أبو إدريس السكوني) الحمصي، روي عن جبير بن نفير، وعنه صفوان بن عمرو ولم يرو عنه غيره كما جزم به ابن القطان وقال حاله مجهولة، وقال الذهبي روى عنه غير صفوان بن عمر وفهو شيخ محله الصدق اهـ
قال الحافظ قول الذهبي هذا لا يوافقه عليه من يبتغي علي الإِسلام مزيد العدالة بل هذه الصفة هي صفة المستورين الذين اختلفت الأئمة في قبول أحاديثهم اهـ

الصفحة 72