كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)

فأتاهن فسألهن عن ذلك فقلن له كل ذلك قد عمل به النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وقد قبض حين قبض وهو يوتر في آخر الليل، وقوله أبطن من بطن الأمر إذا عرف باطنه وداخله. والمعني أنهن أعرف بما كان يصنعه صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم في الوتر. وفي هذه الأحاديث دلالة علي أن الليل كله وقت الوتر، لكن أوله بعد صلاة العشاء عند الجمهور كما تقدم، وعند أبي حنيفة وقته وقت العشاء لما تقدم من قوله صلى الله عليه تعالى وعلي آله وسلم إن الله تعالى قد أمدكم بصلاة وهي خير ولكم من حمر النعم وهي الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر رواه المصنف في باب استحباب الوتر، لكن قال لا يقدم الوتر عند التذكر علي صلاة العشاء للترتيب فلوقدمه ناسيًا لا يعيده وكذا لوصلاها بلا طهارة ثم نام فقام توضأ وصلى الوتر ثم تذكر أنه صلى العشاء بلا طهارة أعادها دونه، وحكي عن بعض أصحاب الشافعي أنه يدخل وقته بمغيب الشفق ولو لم تصل العشاء لكنه ضعيف كما صرح بذلك العراقي وغيره من الشافعية.
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والشيخان والترمذي والنسائي والبيهقي وابن ماجه

(ص) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ نَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالْوِتْرِ".
(ش) (ابن أبي زائدة) يحيى بن زكريا تقدم بالأول صفحة 71
(قوله بادروا الصبح بالوتر) أي أسرعوا إلى أداء الوتر قبل أن يطلع الفجر. وفي رواية الترمذي وغيره عن أبي سعيد أنه صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم قال أوتروا قبل أن تصبحوا، وفي هذه دلالة علي تأكد إيقاع الوتر في وقته وأنه يخرج وقته بطلوع الفجر.
(والحديث) أخرجه أيضًا الترمذي والحاكم ومسلم وابن نصر.

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ رُبَّمَا أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَرُبَّمَا أَوْتَرَ مِنْ آخِرِهِ. قُلْتُ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ أَكَانَ يُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ أَمْ يَجْهَرُ قَالَتْ كُلَّ ذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ رُبَّمَا أَسَرَّ وَرُبَّمَا جَهَرَ وَرُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ غَيْرُ قُتَيْبَةَ تَعْنِي فِي الْجَنَابَةِ.

الصفحة 75