كتاب مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

لقَد حَنَنتُ إلى ما اعتدت من كَرَمٍ ... حنين أرْض إلى مُستَأجر المطرِ
فهاتِها خِلَعا أُرضي السّماحَ بها ... محفوفةً في أكُفّ الشَّرب بالبِدَرِ
وهو القائل وقد حنّ في طريقه، إلى فريقه:
أدارَ النّوى كَمْ طالَ فيكِ تَلذُّذي ... وكم عُقتِني عن دارِ أهيفَ أغيدِ
حلفتُ به لو قد تعرّض دونَه ... كماةُ الأعادي في النَسيج المسرّدِ
لجرّدتُ للضّرب المهنّد فانقضى ... مرادي، وعز ما مثل حدّ المهنّدِ
والقاضي أبو القاسم هذا جدُّهم، وبه سَفر مَجدُهم، وهو الذي اقتنص لهم الملك النافر، واختصّهم منه بالحظّ الوافر فإنه أخذ الرياسة من أيدي جبابر، وأضحى من ظلالها أعيان أكابر، عندما أناخت بها أطماعهم، وأصاخت إليها أسماعهم، وامتدّت إليها من مستحقيها (اليَدُ)، وأتلعوا أجياداً زانها الجيد، وفَغَر عليها فمه حتى هجا بيت العِبِدَّى، وتصدّى إليها من تحضّر وتبدى فاقتعد سنامِهَا وغارِبَها، وأبعد عنها عجمها وأعارِبَها، وفاز من المُلك بأوفر حِصَّة، وعُدَّت سمته به صفةً مختصة، فلم يمحُ رسمَ القضاء، ولم يتَسم بسمة الملك مع ذلك النفوذ والمضاء، وما زال يحمي حوزته، ويجلو غُرَّته، حتى حوته الرّجام وخلت منه تِلك الآجام، وانتقل المُلك إلى ابنه المعتضد،

الصفحة 171