كتاب مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

عيسى بن القطاع، صاحب دولته وأميرها المطاع وكان أبو مروان قديمَ الاصطناع له والانقطاع إليه، فاتُّهم معَهُ وكاد أن يذوقَ الحِمَام ويَجُرَعَهُ، إلاّ أنّ إحسانَه شَفعَ، وبيانَه مَنَع ودَفَع، فحُطّ عن تلك الرُّتب، وحُمِلَ إلى طُرطُوشَة على القَتَب، فبقي هنالك مُعتقَلاً في بُرج من أبراجها نائي المُنتهى، كأنّما يُنَاجي السُّها، قد بَعُدَ ساكنه عن الأنيس فَعُدَّ من النّجم بمنزلة الجليس، تمرّ الطيور دونه ولا تجوزه، ويُرى منه الثَّرى، ولا يكاد يحوزه، فبقي فيه دهرا لا يرتقي إليه راق،

الصفحة 178