كتاب مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

حدى بالإمارة وتردَّى بالوزارة، وأضاء في آفاق الدول، ونهض بين الخيل والخَوَل، وأبو عامر هذا أحدُ أمجادهم، ومتقلد نجادهم، فاتَهم أَدَباً ونُبلاً، وباراهم كرما تخاله وبلا، إلاّ أنه بقي وذَهَبُوا، ولقي من الأيام ما رَهَبُوا، فعاين نُكرها، وشَربَ عكرها وجال في الآفاق، واستدر أخلاف الأرزاق، وأجال للرجاء قِدَاحاً متواليات الإخفاق فأخمِلَ قَدرُه، وتوالى
عليه جور الزمان وغَدرُه، فاندَفنت آثاره، وَعَفت أخباره وقد أثبتُّ له بعضَ ما قاله، وحاله قد أدبرت، والخطوب إليه قد انبرت، أخبرني الوزير الحكيم أبو محمد المصري وهو الذي آواه، وعنده استقرت نَوَاه، وعليه كان قادماً، وله كان مُنادماً أنه رغب إليه في أحد الأيام أن يكون من جُملة نُدَمائه، وأن لا يُحجَبَ عنه

الصفحة 187