كتاب مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

وتكون منّة من أعظم نَعمائه، فأجابه بالإسعاف، واستَسَاغَ منه، ما كان يعَاف، لِعلمِه بقلّته وإفراط خلّته، فلما كان ظُهرُ ذلك اليوم كتب إليه:
ها قد أهبت بكم وكلّكم هوى ... وأحقّكم بالشّكر مني السّابقُ
فالشَّمسُ أنتَ وقد أظلَّ طُلُوعها ... فاطْلَعْ وبين يديك فجرٌ صادقُ
وكان له ابن مكبود قد أعياه عِلاجُه، وتهيأ للفساد مِزَاجُه، فَدُلَّ على خَمرٍ قديمة فلم يعلم بها إلا عند حكم، وكان وَسِيماً، وللحسن قسيماً فكتب إليه:
أَرسِلْ بهَا مِثْلَ وُدِّك ... أرقّ من ماء خدّك
شقيقة النّفس فانضحْ ... بها جَوَى ابني وعَبدِك
وكتب مُعتذِراً، عمّا جَناه مُنذِراً:

الصفحة 188