كتاب مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

كَادَ أن يَرجِعَ مِن لَثمي لَهُ ... وارتشاف الثَّغرِ مِنهُ أدرَدَا
وإذا استنجزتُ يَوماً وَعدَهُ ... أمطَلَ الوعدَ وقالَ: اصبر غدا
شربت أعطَافُهُ ماَء الصِّبَا ... وسقاهُ الحُسنُ حتَّى عَربَدَا
فإذا بِتُّ بِه في رَوضةٍ ... أغيد يَقرو نباتاً أغيدا
قلمَ في اللّيلِ بِجيدٍ أتلعٍ ... يَنفُضُ اللِمَّة من دَمعِ النَّدَى
ومكان عازب عن جِيرَةٍ ... أصدقاء وَهُمُ عَينُ العِدَا
ذي نباتٍ طيِّبٍ أعرَافُهُ ... كعِذَار الشَّعر في خدٍّ بَدَا
تَحسَبُ الهَضبَةَ مِنهُ جَبَلاً ... وحدُورَ الماءِ مِنهُ أبْرَدَا
وبات ليلةً بإحدى كنائس قُرطُبة وقد فُرشَتْ بأضغاث آس، وعُرشَتْ بسرور واستئناس، وقَرعُ النَّواقيسِ يُبهجُ سَمعهُ، وَبَرقُ الحُميَّا يُسرِجُ لَمعَه، والقُسُّ قد بَرَز في عَبَدة المسيح، متوشّحاً

الصفحة 194