كتاب مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

بالزنانير أبدع توشيح، قد هجروا الأفراح واطّرحوا النّعم كُل اطراح:
لا يعمدون إلى ماء بآنية ... إلاّ اغترافاً من الغُدْران بالرّاح
وأقام بينهم يَعمَلُها حُميَّا، كأنّما يرشف من كأسها شَفَةً لَميَا، وهي تنفح له بأطيب عَرف، كلمّا رشَفَها أعذَبَ رَشف، ثم ارتجل بعدما ارتحل فقال:
ولَرُبَّ حانٍ قد شَممْتُ بدَيرِهِ ... خَمرَ الصِّبَا مُزِجَت بصِرفِ عَصيرِهِ
في فتيةٍ جَعَلوا السُّرورَ شِعَارهُم ... متصاغرين تخشُّعاً لكبيره
والقسّ ممّا شاء طول مُقَامِنَا ... يدعو بعود حَولَنَا بِزَبُورِهِ
يُهدي لنا بالرَّاح كُلِّ مصفّر ... كالخَشفِ خَفَّرهُ التماح خَفَيرِهِ
يتناول الظرفاءُ فيه وشَربهم ... لِسُلافِهِ والأكْلُ من خِنزِيرِهِ

الصفحة 195