كتاب مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس

قاله، قوله:
ولمّا رَأيتُ العيشَ لَوَّى برَأسه ... وأيقنتُ أنَّ الموتَ لا شكَّ لاحِقي
تمنّيتُ أنَّي ساكِنٌ في عَبَاَءةٍ ... بأعْلى مهبِّ الرّيحِ في رأسِ شَاهِقِ
أرُدُّ سَقِيطَ الظَّلِّ في فَضلِ عِيشَتي ... وحيداً وأحسو الماَء ثَنيَ المعَالِقِ
خليليَّ من رَامَ المنيَّة مرّةً ... فقد رُمتُها خمسينَ قولةَ صَادِقِ
كأنّي وقد حان ارتِحاليَ لم أفُز ... قديماً من الدُّنيَا بِلمحَةِ بَارِقِ
فَمَنْ مُبلِغٌ عَنّي ابن حَزم وكانَ لي ... يَداً في مُلِمَّاتي وعِندَ مَضَايقي
عليك سلامُ الله إنّي مُفارِقٌ ... وحَسبُكَ زاداً من حبيبٍ مُفَارِقِ
فلا تَنسَ تَأبيني إذا ما ذَكَرتني ... وتَذكار أيَّامي وفَضلَ خلائقي
وحرِّكْ لَهُ بالله مَهمَا ذَكّرْتني ... إذا غيّبوني كُلَّ سَهم غُرانِقِ
عسَى هَامَتي في القَبرِ تسمع بَعضَه ... بتَرجيعِ شادٍ أو بِتَطريبِ طَارِقِ
فَلي في ادِّكاري بَعدَ موتيَ راحةٌ ... فلا تَمنعُوهَا لي عُلاَلَةَ رَاهِقِ
وإنّي لأَرجُو الله فيما تقدَّمَتْ ... ذُنُوبي به ممّا درى مِن حَقَائِقِ

الصفحة 201