كتاب منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر

وهذا غريب لأن طبعة الكتاب فيها تعديلات وتغييرات كثيرة أثبتها تحقيق د. الملكاوي في " إظهار الحق "، كما أن الطبعة العربية الأولى في مصر تختلف عن الطبعة العربية - وهي أقدم الطبعات - في لندن؛ والتي تحدث عنها الدكتور صموئيل زويمر؛ حيث تختلف كل منهما في عدد الصفحات.
الفصل الأول:
في شهادة القرآن للتوراة والإنجيل (ذكر في المقدمة): " لا يخفى أن العلماء قد قسموا البرهان إلى نوعين: عقلي ونقلي؛ فالعقلي يحتوي على الدليلين الخارجي والداخلي، ولو كنا نؤلف تأليفا لإقناع الكفار والملحدين وعبدة الأصنام، لكان يجب علينا أولا أن نأتي بالدليل الخارجي بأن التوراة والإنجيل هما قديمان وغير محرفين، ونبين وجوب الاعتماد عليهما؛ لأنهما وحي من الله تعالى ثم علينا أن نذكر تاريخ كل سفر من أسفارهما - بقدر إمكاننا - لنبين كيفية جمع الأسفار، وهل يحق لنا بعد وزن الدليل الخارجي أن ننسب الأسفار للأنبياء الذين كتبت أسماؤهم عليها أم لا؟ وأخيرا نبحث في حقيقة الدليل الداخلي المأخوذ من نفس الأسفار ونبين نتيجة بحثنا " (¬1).
- يرى أن كلام الله لا يمكن إلا إثباته، وأن من لا يرى ذلك فيصفه بأنه متردد ومذبذب في الشك فيقول: " وبعد إتمام ذلك التنقيب والبحث - يقصد أسس الإيمان - لا يثبت - المسيحي الحق - على صخرة الحق وحده فقط، بل هو قادر أيضا على إعانة الآخرين مثل: اللا أدرية وغيرهم من المترددين والمذبذبين في الشك، فإيمانه حينئذ يستحق أن يطلق عليه اسم إيمان، أما الأدلة العقلية على صحة الديانة المسيحية، فمكاتب العلماء المسيحيين مملؤة بالكتب في موضوعها، وليس هنا محل لإيرادها؛ لأن غرض هذا التأليف ليس إقناع الكفرة، بل مساعدة إخواننا " (¬2).
ففندر يريد أن يصل إلى نتيجة مفادها أن الإيمان قد استقر في نفسه، وأنه لا يوجد عنده شك في أصول إيمانه (¬3)، وأنه بهذا العمل وهذا التقديم يرجو مساعدة إخوانه من المسلمين على اعتقاد ما يعتقده؛ حيث يذكر: " ولا تستغرب إذا قلنا أن أكثرهم يعتقد في الكتاب المقدس غير ما يشهد القرآن له" (¬4).
عاود فندر الحديث عن صحة الكتاب المقدس بشهادة القرآن، وأورد آيات عديدة، ونقل تفسير البيضاوي في إثبات أن تلك الآيات التي نزلت عند قدوم وفد نجران على صاحب القرآن - يقصد محمدا - صلى الله عليه وسلم - - حيث تناظروا مع أحبار اليهود وتقاولوا بذلك، ليست على شيء؛ أي على أمر يصح ويعتد به الحال إنهم من أهل العلم والكتاب، ومثل قولهم: قال الذين لا
¬_________
(¬1) ميزان الحق، ط 3، ص 38.
(¬2) المرجع السابق، ص 39.
(¬3) يقصد ما بدأه من حديث عن الأدلة الخارجية والداخلية وتشمل العقل والنقل؛ حيث يعتمد أنه مادام المسلمون يعترفون بالديانة المسيحية كوحي من الله، وأنها من الديانات السماوية، وأن لديه إثبات من المسيحية والإسلام أنه كلام الله، ولا يمكن أن يحرف أو يبدل أو يغير؛ فعليه تكون الملة المسيحية مثبتة لا يعتريها الشك بعد ذكر تاريخ كل سفر من الأسفار بقدر الإمكان؛ لبيان كيفية جمعها وهل يحق بعدها وزن الأسفار للأنبياء - أي الحواريين - حيث أن الحواريين عندهم أنبياء! .
(¬4) ميزان الحق، ص 39.

الصفحة 123