كتاب منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر
يعلمون كعبدة الأصنام والمعطلة، لكنهما وإن اختلفا دينا فقد اتحدا بتسمية كل منهما أهل الكتاب؛ ألا وهما المسيحيون واليهود (¬1).
تم ذكر عدة آيات منها: " يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون ... " (¬2)؛ حيث يقول بعدها: " ولاشك أنه هو الذي كان وقتئذ موجودا بأيديهم ". ثم يصرح بأن اليهود تلقوا الكتاب - أي التوراة - بالتوارث عن آبائهم؛ حيث يقول في آية 168: " فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب الخ ". حتى أن القرآن يأمر محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يسأل أهل الكتاب إن حصل عنده شك في القرآن ليتثبت به، واستدل بآية " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك " [يونس: 94].ثم يربطها " وهذا كتاب - أي القرآن - أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه الخ" [الأنعام: 98] ويقول: قال البيضاوي في تفسيرها: يعني التوراة أو الكتب التي قبلها ثم ذكر بعدها: " وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب [المائدة: 48]: أي من جنس الكتب المنزلة. ومهيمنا عليه: أي رقيبا على جميع الكتب يحفظها من التغيير ويشهد لها بالصحة والثبات، هكذا قال البيضاوي (¬3).
ثم أن القرآن شهد شهادات مفصلة، ومبينة لأجزائه الثلاثة؛ أي التوراة والزبور والإنجيل في سورة [آل عمران آية 3، 4]: " وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس ".
ثم يصف حال اليهود: " وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله " [المائدة: 43] وآية: " إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون -إلى أن قال فيها - ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " [المائدة: 44].
وذكر بخصوص زابور داوود - المزامير - كما في [الإسراء: 17]: "ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داوود زبورا ".
ثم يعضد أقواله بأن التوراة والإنجيل والزبور ليست كتبا صحيحة فقط يشهد بها القرآن، ولكن من لا يقبلها يعاقب عقابا شديدا؛ فمن سورة [غافر: 54]: " ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب ... الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون " [غافر: 71 - 73].
ليس هذا فحسب، بل إن القرآن يثبت موافقة تعليم التوراة لتعليم الإنجيل الذي جاء به سيدنا عيسى المسيح (¬4)؛ كما في: " وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة الخ " [المائدة: 46] (¬5).
¬_________
(¬1) أورد الآية: "وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لايعلمون مثل قولهم " [البقرة: 113].
(¬2) (آل عمران: 70].
(¬3) ميزان الحق، ص 43 وما بعدها.
(¬4) المرجع السابق، ص 45.
(¬5) المائدة: 49].
الصفحة 124
340