كتاب منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر

ثم في النهاية يقول: " إن القرآن يقول كل ذلك عن الكتاب المقدس فالحاجة لا تمس إلى إظهار الأدلة على صحة هذا الكتاب كما يكون لو كنا نكتب لإفادة كافر مثلا " (¬1).
وردا على المسلمين في قولهم بتحريفه، ذكر من القرآن وأثبت بعدم تغييره كما في: " ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين " (¬2). وذكر عدة آيات أخرى شبيهة.
ثم ذكر: " والآن نكتفي قبل الشروع في ذلك بإيراد بعض نصوص القرآن الذي يشهد فيها للكتاب المقدس ثم نكشف عن أقوال أشهر المفسرين لكي نكون على بينة من معنى الآيات التي نستشهد بها " (¬3).
فسر المائدة: آية 71 - كما جاء عن ابن عباس في تفسير أسباب نزولها ... قالوا: يا محمد - صلى الله عليه وسلم - ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه وتؤمن بما عندنا، قال: بلى، ولكنكم أحدثتم وجحدتم بما فيها، وكتمتم ما أمرتم أن تبينوه للناس فقالوا: نأخذ بما في أيدينا فإنا على الهدى والحق " وبما ورد في إنجيل متى [23: 16]: " ويل لكم أيها القادة العميان القائلون: من حلف بالهيكل فليس بشيء، ولكن من حلف بذهب الهيكل يلتزم ... "؛ حيث يظهر أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - أعلن قبوله للكتب المتداولة بين اليهود، ولو أنه رفض البدع والأحداث التي قال إنهم أدخلوها في رسوم ديانتهم الظاهرية؛ أي أن ما تم إحداثه في ديانتهم هو المقصود بتلك الرسوم بناء على ربطه بالحديث النبوي وتفسيره وبناء على ما ورد في الإنجيل، وهذا باعتبار صحة الكتاب كما أثبت فندر - سابقا - بنص القرآن.
يتعجب فندر بأمر القرآن لهم بإقامة الأوامر والنواهي الموجودة بتلك الكتب إن كانت أعدمت أو تحرقت؛ ففي الأولى تكون طاعة الأمر غير ممكنة بل مستحيلة، والثانية فطاعة المحرف تضلهم عن سواء السبيل.
ليس هذا فحسب، بل إن القرآن نقل من الكتاب المقدس كذلك؛ ففي آية [المائدة: 49] " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص "، هي منقولة من سفر الخروج [23: 21 - 25]: " وإن حصلت أذية تعطي نفسا بنفس، وعينا بعين، وسنا بسن، ويدا بيد، ورجلا برجل .. الخ ". وأورد اقتباسين آخرين كذلك ليستشهد بتلك القضية (¬4).
الفصل الثاني: قضية النسخ
ذكر في بيان الفصل أن الكتاب المقدس لم ينسخ ولا يمكن أن ينسخ لا في حقائقه ولا في عقائده ولا في مبادئه الأدبية.
¬_________
(¬1) المرجع السابق، ص 46.
(¬2) الأنعام: 34].
(¬3) المرجع السابق، ص 47.
(¬4) المرجع السابق، ص 53.

الصفحة 125