كتاب منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر

الواردة في الأسفار لدليل قوي على تمكنهم بالمتون الأصلية واستحفاظهم عليها مهما يكن من أمرها. ويكون الاختلاف في الألفاظ دون المعاني، وشبه التناقض الوارد في القرآن كذلك يدل على أمانة أهله في النقل.
ثم يستدل ويثبت أن التوراة التي بأيديهم الآن هي ما كانت في عصر محمد - صلى الله عليه وسلم - وقبله بقرون كثيرة وإلا ما كانت الترجمة السبعينية والتي تمت بين 200 م - 250 م وصلت إليهم الآن وهي أقدم النسخ! .
ذكر فندر أن المسيح لم يأمر الحواريين أن يكتبوا الإنجيل - بل يكرزوا به (¬1) - وأن أسفار العهد الجديد لم تقبل ضمن دائرة الوحي إلا بعد الاستفسار والتحري الدقيق والأسانيد الكافية، خشية أن ينطوي معها سهوا وصفات أخرى (¬2)، ثم تحدث بإسهاب عن الترجمات والنسخ منها نسخ اكتشفت في مصر بسوهاج (¬3) ترجع إلى القرن الرابع أو السادس.
الفصل الرابع:
مازال يناقش قضية التحريف في أن أسفار العهدين القديم والجديد لم يعتريهما تحريف لا قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا بعده، وأن التحريف المقصود في الآية: " يحرفون الكلم عن مواضعه " بعد جواب الرسول على أسئلتهم، فمتى خرجوا من عنده يحرفون كلامه؛ أي حرفوا جواب محمد - صلى الله عليه وسلم - على سؤالهم بمعنى: يميلونه عن مواضعه؛ بلي ألسنتهم، إما لفظا بإهماله وتغيير موضعه، أو بحمله على غير المراد وإجرائه في غير مورده، وذكر آية الرجم وقصرها عليها، وأكد وجودها، وعلى العكس قد اختفت من القرآن، واستدل بتفسير الرازي والبيضاوي في سورة الأنعام [6: 91] بتشويه التفسير وكتمان الحق فيجعلون الكتاب قراطيس، وليس التبديل والتحريف والتغيير.
ثم ذكر: " البيضاوي والرازي اللذان اقتبسنا تفسيرهما جزما بأنه لم يقع في الكتاب المقدس تغيير قط لا قبل العصر المحمدي ولا بعده " (¬4)، وقد أثبت فندر - في زعمه - أن المخطوطات والترجمات في فصل سابق وجدت قبل العصر المحمدي، وبذا يكون - من وجهة نظره - قد أثبت أنهما لم يمسهما أي تحريف أو تبديل، وعلل اختلاف قراءات الكتاب المقدس بجملة أسباب هي:
1 - حجمه أربعة أضعاف القرآن.
2 - أقدم من القرآن بكثير.
¬_________
(¬1) المرجع السابق، ص 109.
(¬2) المرجع السابق، ص 113.
(¬3) اكتشفت حديثا نسخ من البحر الميت تعود إلى ما قبل المائة الأولى من الميلاد.
(¬4) المرجع السابق، ص 133.

الصفحة 128