كتاب منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر
وأسفار العهد الجديد موجودة بذاتها عند عموم المسيحيين من بروتستانت وكاثوليك وأرثوذكس، وأما أسفار العهد القديم فقد زادت عليها الكنيسة الكاثوليكية أسفارا لم تكن مدرجة من ضمن التوراة عند المسيحيين الأولين ولا عند اليهود فضلا عن كونها لا توجد إلا في الأصل العبراني، نحن معاشر البروتستانت نعتمد أسفار العهد القديم حسبما هي مدرجة في قانون اليهود وتثبتت لنا من المسيح ورسله، ولكن إن فرضنا أن هذه الأسفار المزيدة موحى بها فإنها بجملتها لا تؤثر على أية عقيدة من عقائد الديانة المسيحية، وأما الفروق المذهبية بين كنيسة البروتستانت وغيرها فلم تنتج عن زيادة هذه الأسفار على العهد القديم، ولا عن اختلاف في الكتب، كما أن مذاهب الإسلام لم تنتج عن اختلاف في القرآن بين مذهب وآخر (¬1).
وبالمثل القرآن؛ فنفرض لو أنه تيسر لهم أن يجمعوا نسخ القرآن المنتشرة في أقطار العالم ويحرفوها، فليسوا هم بقادرين على جمع الكتب الدينية الإسلامية ولا التفاسير الكثيرة للقرآن، ولو فرضنا أنهم قدروا على ذلك أيضا، ألا يظهر تحريفهم من الكتب التاريخية كابن هشام والواقدي والغازي وفتوح مصر وفتوح العجم أو على الأقل الطبري وابن الأثير؛ لا يمكن لأي عاقل أن يتصور إمكانية ذلك، حتى لو كانت كل هذه الكتب في لغة واحدة (¬2).
الجزء الثاني
وعنونه بغرض أن يبين تعاليم الكتاب المقدس الأساسية الحقيقية، والتعاليم توافق الشروط الضرورية للوحي الحقيقي (¬3).
وفي الفصل الأول تحدث عن بيان مختصر لمشتملات التوراة، وذكر أنه في سفر القضاة، وراعوث، وسفري صموئيل والملوك، وأخبارالأيام، نجد تاريخ الوقائع الرئيسية التي وقعت لشعب إسرائيل من ذلك الحين إلى السبي البابلي. وحدث مرارا كثيرة في غضون المدة التي أقاموها في أرض كنعان (¬4)
أنهم سقطوا في وثنية بقايا الشعوب الأصليين، فجازى الله شعبه بأن سلط عليهم الوثنيين فقهروهم وكدروا صفو حياتهم، إلا أنه كلما تابوا إليه ورجعوا إلى عبادته تعالى نصرهم على أعدائهم نصرا باهرا على أيدي أفراد اصطفاهم من بينهم (¬5).
¬_________
(¬1) المرجع السابق، ص 156.
(¬2) المرجع السابق، ص 159.
(¬3) المرجع السابق، ص 164.
(¬4) الكنعانيون قوم من العرب نزحوا إلى فلسطين من شبه الجزيرة العربية إثر الجفاف الذي حل بها، وذلك في حوالي 2500 ق. م. وهم أقدم الشعوب السامية التي سكنت فلسطين. ومنهم أخذت فلسطين اسمها فصارت تعرف باسم أرض كنعان. وقد اختيرت مدينة نابلس عاصمة بلاد كنعان لموقعها المتوسط من فلسطين.
لقد سكن الكنعانيون فلسطين قبل ميلاد المسيح بحوالي 2,500 عام، وقبل دخول العبرانيين إليها حوالي 1189 ق. م. وفي التوراة نصوص تدل على أن فلسطين كانت آهلة بالكنعانيين عندما دخلها اليهود. وقد بنى اليبوسيون، وهم بطن من الكنعانيين أسلاف العرب الساميين مدينة القدس وسموها أور ـ سالم؛ أي مدينة السلام.
وبقيت سيادة الكنعانيين في فلسطين بين حوالي 2500 - 1000 ق. م. وفي أثناء هذه السيادة، هاجر إبراهيم الخليل من العراق إلى الشام واستقر في شكيم (نابلس) ثم انتقل إلى بئر السبع في أقصى جنوب فلسطين حيث ولد له إسماعيل، ثم نزح إلى مكة وعاد منها إلى فلسطين حيث رزق بولده الثاني إسحاق. وهو والد يعقوب الملقب بإسرائيل، والذي هاجر هو وبنوه إلى مصر بدعوة من ابنه يوسف، الذي أصبح أمينًا على خزائنها وكان ذلك في عام 1656 ق. م. الموسوعة العربية العالمية السعودية، مرجع سابق.
(¬5) المرجع السابق، ص 169.
الصفحة 130
340