كتاب منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر

ويتسمى المسيح بابن الله أو كلمة الله، والعلاقة بين الناسوت واللاهوت علاقة اتحاد فقط؛ بحيث لم تتحول الطبيعة الواحدة إلى الأخرى ولا امتزجت أو اختلطت بها.
الفصل الخامس:
كما أن المطلعين من المسلمين لا يجدون ما يؤيد عبادة الأولياء في القرآن كذلك لا يصح أن نؤاخذ النصارى بما كان يعمله الجهلة في العصور المظلمة مما لا ينطبق على الكتاب المقدس بل يخالفه، وعقيدة التثليث يمكن تلخيصها على هذا المنوال: -
1 - الآب والابن والروح القدس جوهر واحد وإله واحد فقط.
2 - كل من هؤلاء الأقانيم الثلاثة له خاصية لا يشترك فيها معه أقنوم آخر (¬1).
3 - إن انفصل أقنوم عن الأقنومين الآخرين - وذلك مستحيل - لا يمكن أن يكون هو الله.
4 - كل أقنوم يتحد مع الأقنومين الآخرين من الأزل، وهذه الوحدة غير القابلة للانفصال هو الله.
5 - كل أقنوم مساو للأقنومين الآخرين في الذات والمجد.
6 - العمل الخلاصي لكل أقنوم وصف أحسن وصف في الكتاب المقدس بهذه الألقاب: الأول الآب والخالق والثاني ابن الله والفادي والثالث المقدس والمعزي.
7 - كما أن الأقانيم المقدسة واحد في الذات هكذا هم واحد في المشيئة والقصد والسلطان والقدم وسائر الصفات الإلهية (¬2).
ويرى فندر أن التثليث سر غير مفهوم، وفسر التناقض في الإنجيل مبنيا على اللاهوت والناسوت كل حسب موضعه. أما قول المسيح " أبي أعظم مني " في يوحنا [14: 28] فهذا بالنسبة إلى ناسوته؛ لأنه يعبر عن وحدته مع الآب في الذات بقوله: " أنا والآب واحد [يوحنا 10: 30]، وقد يعترض بعضهم بأن هذه العقيدة المسيحية متناقضة، وبما أن اعتراضهم خطأ ظاهر نجيب أن التثليث ليس خطأ بل هو سر عجيب، ويجب أن ننتظر أسرارا كثيرة في الكتب المقدسة وخصوصا ما يتعلق بجوهر الله ... والكتاب المقدس أحق وأولى بأن يتضمن أسرارا غامضة تحار في معرفة كنهها فطاحل العلماء، فهل من الصواب والحكمة أن نرفض كتاب الله لاشتماله على مسائل تفوق عقولنا ونستبد بآرائنا الخصوصية؟ فاحكموا أنتم! (¬3).
كما يرى أن العقل يعلمنا أن لا نتجاوز في البحث والاستقصاء ما أعلنه الله عن ذاته، وقال الحكماء: البحث عن ذات الله كفر ... لكن تعدد الصفات لا يبطل وحدة الذات، ومثل ذلك تعدد الأقانيم لا يبطل وحدة الجوهر الإلهي، وضرب مثالا: خيط واحد من أشعة الشمس يتضمن ثلاثة أنواع من الأشعة:
1 - النور
2 - الحرارة
3 - العمل الكيماوي، وهذه الثلاثة
¬_________
(¬1) أقنوم: كلمة سريانية معناها: شخص أساسي (Person) أو شخص رئيسي، وهي مماثلة من اللفظة اليونانية (NOMOS) أي القانون. ولكن فضلت الكنائس الشرقية أن تستعمل لفظ " أقنوم " بدلا من " شخص "، لأن المقصود في التثليث أن يكون كل أقنوم قائما بذاته وأن يكون له كيان خاص. محمد ضياء الدين الأعظمي، دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند، (الرياض: مكتبة الرشد، ط 2، 2003 م)، ص 487 وما بعدها (بتصرف يسير).
(¬2) ميزان الحق، ص 238 وما بعدها.
(¬3) المرجع السابق، ص 242.

الصفحة 132