كتاب منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر

ثم يعود ويذكر " كل من المسلمين والنصارى لهم مصلحة في هذا البحث المهم، فإن أخلصوا جميعا لوجه الله، كانت النتيجة خيرا؛ لأن الحق لا يظل محتجبا وقتا طويلا ولابد أن يظهر يوما ما كالشمس عند الظهيرة. وهذا ما عزمنا على بيانه في الفصول الآتية " صادقين في المحبة كما يجب على المسيحيين " [اف 4: 15] باذلين الجهد بأن نمحص كتاباتنا من كل ما يحرج إحساسات إخواننا الذين يبحثون على الحقيقة بإخلاص وجد بأن نتجنب كل عبارة بل كل كلمة لا تنطبق على ناموس اللطف والمحبة فإذا زل قلمنا وكتبنا شيئا يشتم منه رائحة التعصب فنرجو المعذرة سلفا؛ لأن نيتنا حسنة إذ لسنا نريد سوى الفائدة لإخواننا كما نريد لأنفسنا، والإنسان مهما احترس لا يسلم من الزلل، ومن شيم الكرام الصفح (¬1).
الفصل الثاني: هل تنبأ الكتاب المقدس عن محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ (¬2)
يرجو أولا من القراء الكرام أن يعترفوا بصحة البراهين التي بسطها في الباب الأول والثاني من هذا المؤلف، وأنها تثبت سلامة الكتاب المقدس.
أورد المسلمون آيات تثبت نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - كالتالي:
1 - [تك 49: 10] زعموا أن هذه الآية تشير إلى نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وخصوصا لأن كلمة " يهوذا " عدد 8 مشتقة في الأصل العبراني من الفعل " حمد " كما اشتق اسم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الزعم باطل؛ لأنه ظاهر من القرينة أن - شيلون - المقولة في شأنه النبوة، يولد من ذرية يهوذا، وظاهر أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - لا هو من ذرية يهوذا ولا هو من ذرية إسرائيل بل من قبيلة قريش ... وعدا ذلك بأن قضيب الملك زال من الأمة اليهودية قبل ولادة محمد - صلى الله عليه وسلم - بأكثر من 550 سنة، والآية تقول أنه لا يزول حتى يأتي شيلون ... الخ ... وقد اتفق مفسرو اليهود أن كلمة شيلون من ألقاب المسيح وكذلك السامريون، فهي تشير إلى المسيح؛ لأنه هو الذي ولد من سبط يهوذا وإياه أطاعت الشعوب (¬3).
2 - [تث 18: 15، 18] قالوا إن النبي الموعود به هنا لا يكون من بني إسرائيل، وعبارة " من وسطك " لم ترد في الترجمة السبعينية ولا في أسفار موسى عند السامريين ولا وهي وردت في [اع 3: 22] بل قيل " من إخوتك " أي الإسماعيليين ... وردا عليهم يقول فندر أن الآية الواردة في [تث 34: 10] تفيد أنه لم يقم نبي كموسى في إسرائيل إلى الوقت الذي كتب فيه هذا السفر وكلمة " بعد " تفيد أن بني إسرائيل توقعوا أن يكون النبي منهم لا من الخارج، وأما عبارة " من وسطك " فهي واردة في أكثر النسخ ... والقرآن يؤيد ذلك في قوله في سورة العنكبوت آية 27: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب الخ ". ويشهد القرآن في مواضع كثيرة أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - لم يأت بمعجزة واحدة، وعلى ذلك
¬_________
(¬1) المرجع السابق، ص 301 (بتصرف يسير).
(¬2) المرجع السابق، ص 302.
(¬3) المرجع السابق، 304 وما بعدها.

الصفحة 134