كتاب منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر
ويرى أن هناك كلمات في القرآن مقتبسة من لغات أخرى غير العربية مثل: هاروت، وماروت، والصراط، وحور، والجن، والفردوس، مأخوذة من لغة قدماء الفرس (¬1).
وكما قال مؤلف كتاب شرح المواقف أن المزدار كان يقول أنه كان من الممكن للعرب أن يأتوا بأفصح من القرآن بكثير، وقال الشهرستاني أن المزدار أبطل دعوى القرآن بالإعجاز من حيث الفصاحة والبلاغة والنظام، فقال إن إعجاز القرآن ليس من حيث جمال عباراته، بل من حيث أخباره بحوادث الماضي والمستقبل التي تضمنها، وأن الذي صرف العرب عن مباراته هو عدم الإنصاف في الحكم بمضاهاته، وادعائه بإحراز السبق على غيره بغير حق، مما ثنى عزيمة المناظرين عن الاهتمام بدعواه، ولو وجدوا حكما يقضي بينهم وبين صاحب القرآن لأتوا بمثله بدون نزاع (¬2).
كما لا يمكن تمييز فصاحة القرآن عن فصاحة غيره من الكتب وخاصة من جانب العجم، لكن يقول أنهم وجدوا الكتاب المقدس في كثير من أسفاره في لغته الأصلية أفصح من أي قسم من القرآن ومن بينها سفر النبي أشعياء والتثنية والمزامير، وقد لا ينكر أحد هذه الحقيقة من علماء اللغات إلا المسلمين (¬3).
ويقول حتى لو سلمنا بفصاحته فلا علاقة تؤيده بالوحي، كما أنه لا يستدل بجمال المرأة على فضيلتها.
الفصل الرابع:
هل إذا فحصنا مشتملات القرآن تفيدنا أنها من عند الله أوحي بها إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -؟
فمن حيث التعاليم فالكل يسلمون بصوابها سواء أكانوا مسلمين أو نصارى؛ لأنها صالحة ... وقبل قبول دعوته كنبي يجب أن نبحث إن كان محمد - صلى الله عليه وسلم - أول من علم بوحدانية الله وبالحلال والحرام، وبشر الخطيئة، وثواب الآخرة وعقابها، وهل تعليمه من هذه الحيثية أو غيرها كان أوسع وأرقى مما جاء به الأنبياء الأولون، ويجيب فندر بأن جميع الحقائق التي ذكرها القرآن جاءت في الكتاب المقدس من قبل مفصلة تفصيلا (¬4).
يحاول فندر أن يقدم للقارئ مشاهدات معرفة الرسول بدين النصارى واليهود وما حواهما من توحيد للخالق، كما كان له عدة أصدقاء ومعارف شتى ومنهم سلمان الفارسي الذي يقول عنه البعض أنه من نصارى بين النهرين، ولما أخذ في السبي إلى بلاد الفرس، اعتنق مذهب زرادشت (¬5)، ويقول آخرون وهو الرأي المعول عليه أنه فارسي وزردشتي مولدا ومنشأ،
¬_________
(¬1) المرجع السابق، ص 357.
(¬2) المرجع السابق، ص 359.
(¬3) المرجع السابق، ص 362.
(¬4) المرجع السابق، ص 364.
(¬5) زاردشت هذا هو مؤسس دين المجوسية عند الفرس، وقد عاصر النبي دانيال وأرمياء أثناء فترة خراب بيت المقدس وقد سمع منهم بشارات النبي المنتظر نظرا لكثرة الكلام عليه في ذلك الزمان، ولكنه اختلف معهم وهرب إلى أذربيجان وهناك اخترع دين المجوسية فاقتنع به ملوك الفرس وحملوا الرعية عليه، ويتلاحظ أن الفرس ليست عندهم سجية التحريف كما هو عند علماء اليهود فدونوا البشارة بوضوح تام، وقد وردت هذه البشارة في كتاب " زرادشت " المسمى " زندافست " وهي هكذا: -" أن رسولا يوصف بأنه رحمة للعالمين " سوشيانت " يتصدى له عدو يسمى " أبولهب " ويدعو إلى إله واحد لم يكن له كفوا أحد (هيج خير بو نمار) وأن أمة زرادشت ينبذون دينهم ويتضعضعون وينهض رجل من بلاد العرب يهزم أتباعه الفرس المتكبرين وبعد عبادة النار في هياكلهم يولون وجوههم نحو كعبة ابراهيم "- عثمان القطعاني، الحوار المثمر مع القس فندر حول صفات النبي المنتظر، (الاسكندرية: دار الايمان للنشر والتوزيع، [د. ط]، 2000)، ص 38.
الصفحة 136
340