كتاب منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر

3 - عدم الاعتراف بالكثرة "؛ فالحق حق، صدقه الناس أو كذبوه، والباطل باطل، صدقه الناس أو كذبوه، ولا يزيد الحق درجة في أنه حق إطباق الناس كلهم على تصديقه.
4 - التركيز على العقائد في مناقشة النصرانية؛ لأنه ليس في الاشتغال بالأحكام الشرعية شيء يوجبه العقل أو يمنعه بل كلها من الممكن، فإذا قامت البراهين الضرورية على قبول الأمر بها ووجوب طاعته وجب قبول كل ما أتى به كائنا ما كان من الأعمال.
5 - اعتماده في مناقشة الإنجيل، وغيره من كتب النصارى، على النصوص الواضحة؛ التي لا يشك في أنه كذب على الله تعالى وعلى الأنبياء عليهم السلام إلى أخبار أوردوها لا يخفي الكذب فيها على أحد.
يحصر ابن حزم الكذب في الطبقة الأولى التي روت الخبر، أما الطبقات التالية لها فهي لديه صادقة بلا شك في نقلها جيلا بعد جيل، بمعنى أن ناقل الكذب معتقدا صدقه يعد صادقا، وهذا موقف فيه شيء من الانفتاح من قبل ابن حزم إزاء نصارى عصره، من شأنه أن يعزز الثقة ويفسح مجالا للحوار (¬1).
كما ينقد ابن حزم العهد الجديد بأسلوب النقد الخارجي والداخلي؛ فالخارجي مثل: طرق ورود النصوص ونقلها مركزا بصفة خاصة على الطبقات الأولى التي عاصرت المسيح عليه السلام والتي تلته مباشرة، أما النقد الداخلي فيعنى بفحوى النصوص، كما يبحث عن مكامن الخلل والتناقض فيها، من المنظور الحزمي بطبيعة الحال، بالمقارنة بين النصوص والرجوع إلى معطيات الحواس وأوليات العقل وبديهياته (¬2).
أما ابن تيمية فقد وضع قاعدتين في ذلك:
الأولى: ومن قامت البراهين والآيات على صدقه فيما يبلغه عن الله كان صادقا في كل ما يخبر به عن الله.
الثانية: الكلام في صدق مدعي الرسالة وكذبه متقدم على الكلام في عموم الرسالة وخصومها.
على الرغم من شهرة ابن تيمية الواسعة التي بلغت الآفاق إلا أن رحمت الله قد تأثر به وزاد عليه في منهجه في الرد على النصارى كما سيتبين وفقا لمتطلبات العصر ومقتضيات المنطق.
أما قواعد ابن تيمية الشاملة في الرد على النصارى- كما سيتبين - فقد تلخصت فيما يلي (¬3):
¬_________
(¬1) مرجع سابق: عدنان المقراني، نقد الأديان عند ابن حزم الأندلسي، ص 101 - ص 102.
(¬2) مرجع سابق: عدنان المقراني، نقد الأديان عند ابن حزم الأندلسي، ص 143.
(¬3) د. حمدي بن حميد بن حمود القريقري، قواعد ابن تيمية في الرد على المخالفين، (الرياض: دار الفضيلة، ط 1، 2011 م). ص 86 وما بعدها.

الصفحة 36