كتاب منهج دراسة الأديان بين الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر

وبالتالي حصلت على قدر معقول من المعرفة في مختلف التخصصات الدينية الإسلامية، وكنت مليئا بالحماس لقضية الإسلام. ولكن لايزال هنالك فخ آخر ينتظر طالب الإسلام؛ فعندما يسعى الواحد عن الحقيقة يقع في شراك تلك الشبكة، فيصبح مخدوعا تماما، ويهدر حياته، وهو كما يلي: فالمسلمون في بادئ الأمر يشرحون للسائل - لفترة طويلة من الزمن - الجوانب الخارجية من الشريعة، والمواقف المعنية من حياته اليومية، والخرافات التي لا أساس لها، والقواعد عديمة الفائدة للمناقشة؛ لوقف تقدمه، وبعد ذلك يقال له أن كل ما تعلمته فقط هي قوانين خارجية، وإن كنت ترغب في الاستفسارعن المزيد- بعد ذلك الإدراك - عن كيفية الحصول على المعرفة الحقيقية لله، يقال له: اذهب إلى مشايخ الصوفية واخدمهم لسنوات؛ فلديهم تلك المعرفة الباطنية التي تنبع من محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتنقل سرا من قديس إلى آخر؛ فتلك المعرفة الباطنية هي الهدف من الحياة.
ولقد وقعت في نفس الفخ. وكان الدكتور وزير خان، والذي كان قد أتى إلى أكبر آباد كمساعد جراح وكان مسلما متعصبا، معتبرا نفسه أحد القديسين، خدعني وأوقعني في شراك هذا البلاء. وتلك المعرفة الخفية يطلق عليها التصوف (الصوفية). من أجل تلك المعرفة كتب علماء المسلمين الكتب التي تملأ المكتبات، ورسم شكل القرآن، الحديث، كذلك ممارسات الهندوس فيدانتا والرومان والمسيحيين واليهود والزرادشتيين وعادات وتقاليد الرهبان وأهل التقى الآخرين. فهي لا تزال تتضمن بعض الأشياء الروحية بالفعل، لأن أصل التصوف يمكن إرجاعه إلى هؤلاء العلماء المسلمين الذين سعوا بعد الواقع الروحي لتلبية معنوياتهم التي لا تهدأ فهم غير قادرين على ملء شغفهم من خلال تعاليم الإسلام وحده، فجمعوا بينهما لتهدئة ولعهم. ولو أنهم تدبروا آيات الإنجيل والتوراة لبلغوا مبلغا من المعرفة الحقيقية من الله من خلال حياة الأنبياء السابقين ولم يكن هناك بد من المسلمين. ولكن محمدا - صلى الله عليه وسلم - قد احتاط لهذا الجانب؛ حيث نهى قومه عن قراءة التوراة والإنجيل. فعندما كان عمر الخليفة يقرأ صفحات من التوراة بحضور محمد - صلى الله عليه وسلم -، غضب محمد - صلى الله عليه وسلم - جدا، وقال: "أليس القرآن الكريم فيه الكفاية لك؟ " المسلمون اليوم يمارسون نفس التعاليم: إنهم لا يقرأون الإنجيل أوالتوراة. في الحقيقة هم يلعنون أي مسلم يرون الكتاب المقدس في يده؛ ببساطة لأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كان يعرف جيدا أن كل من يقرأ هذا الكتاب المقدس من الله لن يعظم القرآن بعد ذلك، وقد نهى محمدا - صلى الله عليه وسلم - آخرين عن قراءته أيضا.
ولفترة وجيزة وقعت في شراك هذا العلم المقصورعلى فئة معينة. كنت أتكلم قليلا، وآكل قليلا، وأبقى بمعزل عن الناس، أجهد جسدي وأظل مستيقظا لليال. أتلو القرآن طوال الليل. أكرر باستمرار قصيدة حول الغوث (للشيخ عبد القادر الجيلاني). قرأت شهال قاف وحزب البحر. كنت أتأمل وأمتنع عن ممارسة الجنس. كنت أؤدي الأذكار بصوت عال وبصمت. جلست في عزلة عن الناس بعيون مغلقة، وبدأت في كتابة كلمة "الله" على قلبي. على قبور القديسين ظللت أتأمل، على أمل الإضاءة من قبورهم. حضرت حلقات الصوفية، وحدقت بكل ثقة في وجوه الصوفية، متلمسا الضوء من ناحيتهم. ومن خلال شفاعتهم تضرعت - باستمرار- للاتصال بالله. هذا بالإضافة إلى الصلوات الخمس العادية، أديتها في الليل، وفي الصباح وفي منتصف النهار. كنت أكرر الشهادة والصلاة والسلام على محمد - صلى الله عليه وسلم -. باختصار،

الصفحة 66