كتاب مقدمة ابن الصلاح = معرفة أنواع علوم الحديث - ت فحل
النَّوْعُ الثَّانِي
مَعْرِفَةُ الْحَسَنِ (¬1) مِنَ الحَدِيْثِ
رُوِّينا عَنْ أبي سُليمانَ الخطَّابيِّ - رحمَهُ اللهُ - أنَّهُ قالَ - بعدَ حكايتِهِ -: إنَّ الحديثَ عِندَ أهلِهِ ينقسِمُ إلى الأقسامِ الثلاثةِ التي قدَّمنا ذِكْرَها: ((الحسَنُ: ما عُرِفَ مَخْرَجُهُ (¬2) واشتَهَرَ رِجَالُهُ)) (¬3) - قالَ -: ((وعليهِ مَدَارُ أكثَرِ الحديْثِ وهوَ الذي يَقْبَلُهُ (¬4) أكثَرُ (¬5) العلماءِ، ويستعمِلُهُ عامَّةُ الفقهاءِ)) (¬6).
ورُوِّينا عَنْ أبي عيسى التِّرمِذِيِّ - رضي الله عنه - أنَّهُ يريدُ بالحسَنِ: ((أنْ لاَ يكونَ في إسنادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بالكَذبِ، ولاَ يكونَ حديثاً شاذّاً، ويُروَى مِنْ غيرِ وجهٍ نحوَ ذلكَ (¬7)) (¬8).
¬__________
(¬1) انظر في الحسن:
إرشاد طلاب الحقائق 1/ 137 - 152، والتقريب: 42 - 49، والاقتراح: 162، والمنهل الروي: 35، والخلاصة: 38، والموقظة: 26، واختصار علوم الحديث: 37، والمقنع 1/ 83، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 177، ونزهة النظر: 91، والمختصر: 73، وفتح المغيث 1/ 61، وألفية السيوطي: 15 - 19، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 126، وفتح الباقي 1/ 84، وتوضيح الأفكار 1/ 154، وظفر الأماني: 174، وقواعد التحديث: 105.
(¬2) بفتح الميم والراء، بمعنى خروجه، وهو: رجاله الراوون له؛ لأنه خَرَجَ مِنْهُمْ. قواعد التحديث: 219. وَقَالَ البقاعي: ((رِجَالُهَ الذين يدور عَلَيْهِمْ، فكل واحد من رِجَال السَّنَد ((مَخْرَج)) خَرَجَ مِنْهُ
الحَدِيْث)). النكت الوفية 59 ب.
(¬3) اعترض غير واحد من العلماء على هذا التعريف، وعلى تعريف الحسن عموماً، انظر: نكت الزركشي 1/ 304، والتقييد والإيضاح 43، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 177 مع تعليقاتنا هناك، ونكت
ابن حجر 1/ 385، وقد أطال السيوطي النفس فيه في كتابه البحر الذي زخر 3/ 950 فما بعدها.
(¬4) في (ب): ((تقبله)).
(¬5) سقطت من (جـ).
(¬6) معالم السنن 1/ 11. وهذا التعريف نقله الحافظ المزي في تهذيب الكمال 1/ 10.
(¬7) في (ع): ((ذاك)).
(¬8) الجامع الكبير 6/ 251 (العلل).
وللزركشي تعليق لطيف هنا، رأينا أن ننقل بعضه، قال رحمه الله 1/ 307: ((قوله أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب. احترز به عمّا في سنده متهم، فإنه ضعيف. وقوله: ((مَن لا يتهم بالكذب)): يتناول مشهور العدالة، لكنه غير مراد، بل المراد المستور.
واحترز بقوله: ((ولا يكون حديثاً شاذاً)) عن الشاذ، وهو ما خالف فيه الثقة روايات الثقات. وقوله:
((ويروى من غير وجه)) عمّا لم يرد إلا من وجه واحد فإنه لا يكون حسناً؛ لأن تعدد الروايات يقوي ظنّ الصحة واتحادها ممّا يؤثر ضعفاً)) وانظر: نظرات جديدة في علوم الحديث 33.