كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وسماع القرآن هو سماع النبيين والمؤمنين والعالمين والعارفين، كما بين الله ذلك في كتابه، قال تعالى: (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذَا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدًا وبكيًا (٥٨)) (¬١).
وقال تعالى: (* وَإذَا سَمِعُوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق) (¬٢).
وقال تعالى: (إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سُجَّدًا (١٠٧) ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً (١٠٨) ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً (١٠٩)) (¬٣).
وقال تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) (¬٤).
وقال: (إنَّمَا المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) (¬٥).
وأما اتخاذ التصفيق والغناء والمزامير قربةً وطاعةً وطريقًا إلى الله، فهذا من جنس دين المشركين الذين قال الله فيهم: (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) (¬٦). والمكاء: هو التصويتُ بالفم، كالصفير والغناء، والتصدية: التصفيق باليد. فذمَّ الله هؤلاء المشركين الذين يجعلون هذا قائمًا مقامَ الصلاة.
---------------
(¬١) سورة مريم: ٥٨.
(¬٢) سورة المائدة: ٨٣.
(¬٣) سورة الإسراء: ١٠٧ - ١٠٩.
(¬٤) سورة الزمر: ٢٣.
(¬٥) سورة الأنفال: ٢.
(¬٦) سورة الأنفال: ٣٥.

الصفحة 90