كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

ثم قال تعالى: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ). وأراد بذلك وإن كانوا عددًا من الإخوة من جنس / [١٧٠ أ] الرجال وجنس النساء، لم يُرِد أن يكون جمع رجال وجمع نساء، فإنه لو كان رجل وامرأتان، أو امرأة ورجل، أو رجلان وامرأتان، لكان ذلك كما لو كانوا ثلاثة رجال وثلاث نساء (¬١)، وهذا باتفاق الناس.
ولو قيل: الإخوة ثلاثة فصاعدًا.
لقيل: وكذلك الرجال والنساء، فلزم أن يكون المعنى إن كانوا ستة إخوة فصاعدًا. ولأنه لما بين حكم الأخت الواحدةِ والأخ الواحدِ وحكم الأختين فصاعدًا، بقي بيان الاثنتين فصاعدًا من الصنفين، ليكون البيان مستوعبًا للأقسام.
ولفظ "الإخوة" وسائر ألفاظ الجمع قد يُعنَى به الجنس من غير قصد العدد، لقوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُم) (¬٢)، وقد يُعنَى به العددُ من غير قصدٍ لقدرٍ منه، فيتناول الاثنين فصاعدًا، وقد يعنى به الثلاثة فصاعدًا. وفي هذه الآية إنما عُني به العدد مطلقًا؛ لأنه بيّن الواحدة قبل ذلك؛ ولأن ما ذكره من الأحكام في الفرائض فرَّق فيه بين الواحد والعدد، وسَوىَ فيه بين
---------------
(¬١) س، ع: "ثلاثة نساء".
(¬٢) سورة آل عمران: ١٧٣.

الصفحة 337