كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

بالتثنية، فيما (¬١) كان مضافًا إلى مثنى وليس فيه إلاّ واحد منه، كقوله تعالى (فَقَد صغَت قُلُوبُكُمَا) (¬٢)، ولا يحتمل إلاّ قلبين (¬٣)، فهذا يختص بالاثنين، وعُدِلَ فيه عن لفظ الاثنين إلى لفظ الجمع للخفة وعدم اللبس، فإنه قد عُلِمَ أن لكل واحدٍ قلبًا، فصار استعمال لفظ الجمع في الاثنين مع البيان هو لغة القوم. ومنه قوله تعالى: (وَاَلسَّارِقُ وَاَلسَارِقَةُ فَاَقْطَعُوَا أَيدِيَهُمَا) (¬٤)، ولم يقل: "يديهما".
فإذا كانت الصيغة تختص بالاثنين في الموضع المبين، ولم يقل أحد إنها عند الإطلاق تختص بالاثنين، فكذلك تُستعمل في الاثنين فصاعدًا في الموضع المبين، وإن كانت عند الإطلاق إنما تتناول الثلاثة فصاعدًا، وليس شيء من ذلك مجازًا؛ بل كله من الموضوع في لغتهم.
وإنما غلط من ظن لفظ الجمع إنما وضع للثلاثة فصاعدًا (¬٥)، أو لاثنين فصاعدًا. بل وُضِع لاثنين فصاعدًا في موضع، ولثلاثة فصاعدًا في موضع، ولاثنين فقط في موضع، كله من موضوع العرب. والقرينة هنا من وضع العرب.
---------------
(¬١) س، ع: "فما".
(¬٢) سورة التحريم: ٤.
(¬٣) س، ع: "الاثنتين".
(¬٤) سورة المائدة: ٣٨.
(¬٥) "وليس شيء من ذلك ... فصاعدا" ساقطة من ع.

الصفحة 339