كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
بعثَهم مبشرين ومنذرين (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (¬١)، وجعلهم سُفَراء بينه وبين خلقِه في تبليغ أمره ونهيِه، ووَعْدِه ووعيدِه، وسائرِ كلامِه سبحانه وتعالى.
ولم يَضْمَن الرسلُ للخلق لا رزقًا ولا نصرًا ولا هُدىً، بل قال أولُهم نوحٌ: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَك) (¬٢)، وأَمَر خاتَمَهم وأفضلَهم- صلى الله عليه وعليهم أجمعين وسلَّم تسليمًا -أن يقول ذلك، فقال: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوء) (¬٣)، وقال له: (إِنَّكَ لَا تهدِى مَن أَحببتَ) (¬٤)، وقال له: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) (¬٥)، وقال له: (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (٤٠)) (¬٦)، وقال: (إنما أنت منذرٌ) (¬٧)، (لست عليهم بمصيطرٍ) (¬٨).
---------------
(¬١) سورة النساء: ١٦٥.
(¬٢) هذه الآية في سورة الأنعام: ٥٠، وليس في سياق قصة نوح. والَاية التي أرادها المؤلف في سورة هود: ٣١ على لسان نوح: (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ)، فاشتبهت على المؤلف، وجل من لا يسهو.
(¬٣) سورة الأعراف: ١٨٨.
(¬٤) سورة القصص: ٥٦.
(¬٥) سورة آل عمران: ١٢٨.
(¬٦) سورة الرعد: ٤٠.
(¬٧) سورة الرعد: ٧.
(¬٨) سورة الغاشية: ٢٢.
الصفحة 92