كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
وثبت أيضًا في الصحيح أنه كان يخرج إلى أهل البقيع، فيدعو لهم ويستغفر لهم (¬١). وثبت أيضًا في الصحيح أنه خرج إلى شهداء أُحد قبل موته، فصلَّى عليهم ودعا لهم (¬٢).
فهذان أمران مشروعان: السلام على الميت والدعاء له. وقد قال ابن عبد البر (¬٣): ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "ما من رجلٍ يَمُرُّ بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا، فيُسَلِّم عليه، إلا ردّ الله عليه روحَه حتى يَرُدَّ عليه السلامَ" (¬٤).
وفي سنن أبي داود (¬٥) عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ما من رجلٍ يُسَلِّم عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ روحي حتى أردَّ عليه السلام".
وفيه أيضًا أنه قال: "أكثروا عليَّ من الصلاة يومَ الجمعة وليلةَ الجمعة، فإن صلاتكم معروضة عليَّ "، فقالوا: كيف تُعرَض صلاتُنا عليك وقد أَرِمتَ؟ فقال: "إن الله حرَّم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء" (¬٦).
وأما الدعاء حين الزيارة فمن جنس الدعاء في صلاة الجنازة، كلُّ ذلك حقّ للميت وعملٌ صالح من الحيّ، مثل الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (٦/ ٢٥٢) عن عائشة. وأخرجه مسلم (٩٧٤) عنها مطولاً.
(¬٢) أخرجه البخاري (١٣٤٤ ومواضع أخرى) ومسلم (٢٢٩٦) عن عقبة بن عامر.
(¬٣) في "الاستذكار" (١/ ٢٣٤).
(¬٤) أخرجه ابن عبد البر في المصدر السابق. وصححه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الصغرى" (١/ ٣٤٥) و"الأحكام الوسطى" (٢/ ١٥٢، ١٥٣).
(¬٥) برقم (٢٠٤١). وأخرجه أيضًا أحمد (٢/ ٥٢٧).
(¬٦) أخرجه أحمد (٤/ ٨) وأبو داود (١٠٤٧، ١٥٣١) والنسائي (٣/ ٩١) وابن ماجه (١٠٨٥، ١٦٣٦) عن أوس بن أوس.