كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

إليه في المغفرة والرحمةِ وتفريج الكُرباتِ وإعطاءِ الطلباتِ إلا الله وحده لا شريك له، ولا يسجد لغَيرِ الله لا لحيٍّ ولا لميّتٍ، حتى إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أمتَه عن اتخاذ القبور مساجدَ لئلاّ يُفضِي ذلك إلى الشرك. ففي صحيح مسلم (¬١) عن جابر بن عبد الله أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال قبل أن يموتَ بخمسٍ: "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبورَ مساجدَ، إلا فلا تتخذوا القبورَ مساجدَ، فإني أنهاكم عن ذلك". وفي الصحيحين (¬٢) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في مرضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يُحذر ما فَعَلوا. قالت عائشة (¬٣): ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدًا.
وفي الصحيحين (¬٤) أيضًا أنّ أم سلمة وأم حبيبة ذكرتَا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كنيسةً رأينَها بأرض الحبشة، وذكرتَا حُسنَها وتصاويرَ فيها، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن أولئك إذا ماتَ فيهم الرجل الصالح بَنَوا على قبره مسجدًا وصوَّروا فيه تلك الصُّور، أولئك شرُّ الخلق عند الله يوم القيامة".
وفي مسند الإمام أحمد (¬٥) عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "إنّ من شِرار الناس مَن تُدرِكهم الساعةُ وهم أحياءٌ، الذين يتخذون القبور مساجد".
وعن ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لَعن الله زوَّاراتِ القبور
---------------
(¬١) برقم (٥٣٢) عن جندب بن عبد الله لا عن جابر.
(¬٢) البخاري (٤٣٥ ومواضع أخرى) ومسلم (٥٣١).
(¬٣) أخرجه البخاري (١٣٣٠، ١٣٩٠، ٤٤٤١) ومسلم (٥٢٩).
(¬٤) البخاري (٤٢٧، ٤٣٤، ١٣٤١) ومسلم (٥٢٨) عن عائشة.
(¬٥) ١/ ٤٠٥، ٤٣٥. وأخرجه أيضًا ابن خزيمة (٧٨٩).

الصفحة 38