كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

فإذا عُرِف أن هذه الكلمة لا أصلَ لها في الشريعة انهدمتْ قاعدتُهم. ولفظُ الحديث الذي في البخاري (¬١) عن عمران بن حصين قال: جاء وفدُ بني تميم إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "اقبلوا البشرى يا بني تميم! "، فقالوا: بشَّرتَنا فأعطِنا، فجاء أهل اليمن فقال: "اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم"، فقالوا: جئناك نسألكَ عن أول هذا الأمر، فقال: "كان الله ولا شيءَ قبلَه، وكان عرشُه على الماء، وكتبَ في الذكر كلَّ شيء". قال: وجاء رجل فقال: أَدرِكْ ناقتك، فخرجتُ فإذا السراب ينقطع دونها، فودِدتُ أني كنتُ تركتُها ولم أَقُمْ.
والذي ذكره الله في كتابه أنه لا يجوِز أن نجعلَ مع الله إلهًا آخر، فقال تعالى: (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (٢٢)) (¬٢)، وقال تعالى: (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً (٣٩)) (¬٣)، وقال: (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ) (¬٤). لم يَقُلْ: لا تجعل مع الله مخلوقًا ولا مصنوعًا، أو لا تجعل مع الله عبدًا ولا مملوكًا، أو لا تجعل مع الله عبادًا له مخلصين، بل صرَّح بأنه مع عباده عمومًا وخصوصًا، فقال: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا) (¬٥)، وقال
---------------
(¬١) برقم (٧٤١٨).
(¬٢) سورة الإسراء: ٢٢.
(¬٣) سورة الإسراء: ٣٩.
(¬٤) سورة الحجر: ٩٦.
(¬٥) سورة المجادلة: ٧.

الصفحة 398