كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

فإذا عصيتُ الله فلا طاعةَ لي عليكم" (¬١).
وثبتَ في الصحيح (¬٢) أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصَّ رُؤْيا رآها، فقال أبو بكر: دَعْني يا رسول الله أُعبِّرْها، فلما عَبَّرها قال: أصبتُ يا رسول الله أم أخطأتُ؟ فقال: "أصبتَ بعضًا وأخطأتَ بعضًا".
وقال الصديق في الكلالة (¬٣): "أقولُ فيها برأي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأً فمنّي ومن الشيطان".
وأفضلُ هذه الأمة بعدَ أبي بكر عمرُ، وكان محدَّثًا مُلْهَمًا، كما في الصحيحين (¬٤) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "قد كانَ في الأمم قبلكم محدَّثون، فإن يكن في أمتي أحدٌ فعمرُ". وفي حديثٍ آخر: "إنَّ الله ضربَ الحقَّ على لسان عمر وقلبِه" (¬٥).
فعمر رضي الله عنه أفضلُ المخاطَبين المحدَّثين من هذه الأمة، والصدّيق أفضلُ منه، فإنّ الصديق يتلقَّى عن الرسول لا عن قلبه،
---------------
(¬١) أخرجه محمد بن إسحاق من حديث الزهري عن أنس، انظر "سيرة" ابن هشام (٢/ ٦٦٠،٦٦١). وصححه ابن كثير في "البداية والنهاية" (٨/ ٩٠، ٩/ ٤١٥).
(¬٢) البخاري (٧٠٤٦) ومسلم (٢٢٦٩) عن ابن عباس.
(¬٣) كما في تفسير الطبري (٤/ ١٩١ - ١٩٢).
(¬٤) البخاري (٣٤٦٩،٣٦٨٩) ومسلم (٢٣٩٨) عن أبي هريرة.
(¬٥) أخرجه أحمد (٢/ ٥٣،٩٥) والترمذي (٣٦٨٣) عن ابن عمر، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (٢١٧٥ - موارد). وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد (٢/ ٤٠١).

الصفحة 56