كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
الإسرائيليات تارةً يُعلَم صحتُها، وتارةً يُعلَم أنها كذبٌ، وتارةً لا يُدرَى.
وقد ثبت في الصحيح (¬١) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "إذا حدَّثكم أهلُ الكتاب فلا تصدِّقوهم ولا تكذبوهم، فإمّا أن يحدِّثوكم بحقّ فتكذبوه، وإمّا أن يحدِّثوكم بباطلٍ فتصدِّقوه".
إذا تبينَ هذا فنقول: أجمع المسلمون على أن المسلم يجوز له أن يشتكي إلى الله ما نزلَ من الضرِّ، والله سبحانَه في كتابه قد أمر بذلك، وذمَّ من لا يفعله، قال تعالى: (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢)) (¬٢)، وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (٧٦)) (¬٣)، وقال تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥)) (¬٤).
وفي الصحيح (¬٥) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يقول في دعائه: "اللهمَّ إني أعوذ بك من جَهْدِ البلاء، ودَرَكِ الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء". وفي الصحيح (¬٦) أيضًا عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يقول: "اللهمَّ إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّلِ عافيتك (¬٧)، وفجاءةِ
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (٤/ ١٣٦) وأبو داود (٣٦٤٤) عن أبي نملة الأنصاري، وله شاهد من حديث جابر أخرجه أحمد (٣/ ٣٨٧). ولا يوجد بهذا السياق في الصحيحين.
(¬٢) سورة الأنعام: ٤٢.
(¬٣) سورة المؤمنون: ٧٦.
(¬٤) سورة الأعراف: ٥٥.
(¬٥) البخاري (٦٣٤٧) ومسلم (٢٧٠٧) عن أبي هريرة.
(¬٦) مسلم (٢٧٣٩) عن ابن عمر.
(¬٧) في الأصل: "تحويل عاقبتك" تحريف.