كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
عملٍ يَعْدِلُ الجهاد؟ قال: لا أَجِدُهُ. قال: "هل تستطيعُ إذا خَرَجَ المجاهدُ أن تَدْخُلَ مسجدَك فتَقُومَ لا تَفْتُرَ، وتصومَ لا تُفْطِرَ؟ " قال: ومَن يستطيعُ ذلك؟ قال أبو هريرة: إن فَرَسَ المجاهد لَيَسْتَنُّ في طِوَلهِ فيُكْتَبُ له حسناتٍ.
وفي الصحيحين (¬١) عن أبي سعيد الخدري أن رجلاً أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: أَيُّ الناسِ أفضلُ؟ فقال: "رجل مجاهد في سبيل الله بمالِه ونفسِه". قال: ثم من؟ قال: "ثُمَّ رجل مُعْتَزِل في شِعْبٍ مِن الشِّعابِ يَعْبُدُ ربَّه، ويَدَعُ الناس مِن شَرِّه". لفظُ مسلمٍ.
وقد جاءت النصوص الصحيحة الصريحة بفضل الجهاد على الحجّ، كما في الصحيحين (¬٢) عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أي الأعمال أفضل؟ قال: "الإيمانُ بالله ورسوله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيلِ الله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "حَج مبرور".
وفي الصحيحين (¬٣) أيضًا عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله! أيُّ الأعمالِ أفضلُ؟ قال: "الإيمانُ بالله، والجهاد في سبيلِه".
فهذا موافق ما دلّ عليه القرآن من تفضيل الجهاد على الحَجّ.
وقد رُوِيَ: "غزوة لا قتالَ فيها أفضل مِن سبعين حجّة". وهذا لا يناقض ما في الصحيحين (¬٤) عن ابن مسعود قال سألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
---------------
(¬١) البخاري (٢٧٨٦) ومسلم (١٨٨٨).
(¬٢) البخاري (٢٦، ١٥١٩) ومسلم (٨٣).
(¬٣) البخاري (٢٥١٨) ومسلم (٨٤).
(¬٤) البخاري (٥٢٧) ومواضع أخرى ومسلم (٨٥).