كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)
أن يعصي الله فلا يَعْصِهِ".
وهذا متفق عليه بين أئمة الدين، لكن تنازَعُوا هل عليه كفارة يمينٍ أو نذرِ ما ليس مشروعًا؛ بعد اتفاقهم على أنه لا يفعله؟
فقيل: لا شيء عليه، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وغيرهما لأنه ليس في هذا الحديث وغيره أنه أمر له بالتكفير.
وقيل: بل عليه كفارة يمين، وهو ظاهر مذهب أحمد، لما ثبت في صحيح مسلم (¬١) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "كفارةُ النَّذْرِ كفارةُ يمينٍ". وفي السنن (¬٢) عنه أنه قال: "لا نَذْرَ في معصيةٍ وكفارتُه كفارةُ يمينٍ".
وقد ثبت في الصحيح (¬٣) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "أفضلُ الصيام صيامُ داود، كان يصومُ يومًا ويُفْطِرُ يومًا، وأفضلُ القيام قيام داود كان ينامُ نصف الليل ويقوم ثُلُثه وينام سُدُسه". وقد استفاض عنه في الصحيح (¬٤) أنه نهى عن مداومة الصيام والقيام وقراءة القرآن في أقل من ثلاث. وأمثال ذلك من النصوص التي تُبيِّن ما بَعَث الله به رسوله من الحنيفية السمحة. كما جاء في الحديث: "أَحَبُّ الدين إليَّ الحنيفية السَّمحة" (¬٥).
---------------
(¬١) برقم (١٦٤٥) عن عقبة بن عامر.
(¬٢) أخرجه أبو داود (١٥٢٥) والترمذي (١٥٢٥) والنسائي (٧/ ٢٦، ٢٧) وابن ماجه (٢١٢٥) عن عائشة.
(¬٣) البخاري (١١٣١) ومسلم (١١٥٩).
(¬٤) البخاري (٥٠٥٢) ومسلم (١١٥٩).
(¬٥) أخرجه أحمد (٥/ ٢٦٦) والبخاري في الأدب المفرد (٢٨٧) عن ابن عباس نحوه.