كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

إلى كذا أم إلى كذا؟ بل الكتبُ والنقول مشحونةٌ بتكفير بعض المتأولين فضلاً عن تخطئتِه. وأما تخطئةُ بعضِ المتأولين فهذا أمرٌ معلومٌ بالاضطرار في الأصول والفروع والتفسير والحديث والشعر واللغة وغير ذلك، بل عامةُ الاختلاف بين أهل القبلة إنما هو من تخطئةِ بعضهم في فهمِه للكتاب والسنة وتأويلهما على وجهٍ يخالفُه فيه الباقونَ.
فإن قلتم: كلُّ من تأوَّلَ بدليلٍ على القواعد سَوَّغناه له، وإن كان قد يُخطِئُ.
قلنا: فيكون تأويلُ الجهمية والقدرية والخوارج والروافض والوعيدية والباطنية والفلاسفة كلُّها سائغةً وإن كانت خطأً، وهذا مما عُلِمَ بالإجماع القديم بل بالاضطرار من دينِ الإسلام أنَّ جميعَ هذه التأويلات ليست سائغةً، بل تسويغ جميعِ هذه التأويلات على خلافِ إجماع هذه الفرق كلها، فإن جميع فرق الأمة لا يسوِّغ جميع التأويلات.
وقلنا ثانيًا: فنحنُ إنما قلنا: "تأويل المتكلمين الذي يخالفون به أهلَ الحديث باطل"، وهذا تأويل موصوف، ولا يلزم من بطلانِ النوع المقيَّد بطلانُ الجنس المطلق، فإذا أبطلنا التأويلَ المخالفَ لأهل الحديث [لا] يلزمنا أن نمنعَ كلَّ تأويلٍ في الدنيا، وأن نُحرِّم على كلّ معتبرٍ أن يتأوَّل تأويلاً لا يخالف أهلَ الحديث ..... (¬١).
---------------
(¬١) كتب في الأصل بعده: "بياض".

الصفحة 77