كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 7)

فإن قيل: (¬١) [إنهم مرتدون عن الإسلام، فالمرتد إذا أسلم لا يقضي ما تركه حال الرِّدة عند جمهور العلماء، كما لا يقضي الكافر إذ ا أسلم ما ترك حال الكفر باتفاق العلماء، ومذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد في أظهر الروايتين عنه، والأخرى يقضي المرتد، كقول الشافعي، والأول أظهر.
فإنّ الذين ارتدوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالحارث بن قيس، وطائفة معه أنزل الله فيهم: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [آل عمران: ٨٦] الآية، والتي بعدها، وكعبد الله بن أبي سرح، والذين خرجوا مع الكفار يوم بدر، وأنزل فيهم: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٠] فهؤلاء عادوا إلى الإسلام.
وعبد الله بن أبي سرح عاد إلى الإسلام عام الفتح، وبايعه النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬٢). ولم يأمر أحدًا منهم بإعادة ما ترك حال الكفر في الردة، كما لم يكن يأمر سائر الكفار إذا أسلموا. وقد ارتد في حياته خلق كثير اتبعوا الأسود
---------------
(¬١) بعده في الأصل: «إنهم كانوا مرتدين عن دين الإسلام، والمرتدّ لا يكون إلا كافرًا، والله أعلم» وبه انتهت الرسالة في الأصل، وبقية الرسالة بين معكوفين من (ف).
(¬٢) أخرجه أبو داود (٢٦٨٥)، والنسائي (٤٠٦٧)، والحاكم: (٣/ ٤٧) وصححه على شرط مسلم، والبيهقي: (٧/ ٤٠) من حديث مصعب بن سعد عن أبيه.

الصفحة 116