كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 7)

وإن قُدِّر أنّ لهم ذنوبًا فالذنوب لا توجبُ دخول النار مطلقًا إلا إذا انتفت (¬١) الأسباب المانعة من ذلك، وهي عشرةٌ: منها التوبة، ومنها الاستغفار، ومنها الحسنات الماحية، ومنها المصائب المكفِّرة، ومنها شفاعة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومنها شفاعة غيره، ومنها دعاء المؤمنين، ومنها ما يُهدى للميت من الثواب، كالصدقة والعتق عنهم، ومنها فتنة القبر، ومنها أهوال القيامة (¬٢).
وقد ثبت في «الصحيح» (¬٣) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «خير القرون القرن الذي بُعثتُ فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». وحينئذٍ فمن جزم في أحدٍ من هؤلاء أنَّ له ذنوبًا يدخل بها النار قطعًا فهو كاذب مفترٍ (¬٤)، فإنه لو قال مالا علم له به لكان مبطلًا، فكيف إذا قال ما دلت الدلائل الكثيرة على نقيضه؟ فمن تكلَّم فيما شَجَر بينهم بما (¬٥) نهى الله عنه من ذمِّهم أو التعصّب لبعضهم بالباطل فهو ظالم معتد.
---------------
(¬١) الأصل: «اتبعت»، والمثبت من (ف).
(¬٢) توسّع المصنف في الكلام عليها في «مجموع الفتاوى»: (٧/ ٤٨٧ ــ ٥٠١)، و «منهاج السنة»: (٦/ ٢٠٥ ــ ٢٣٨).
(¬٣) (ف): «الصحيحين». والحديث أخرجه البخاري (٢٦٥٢)، ومسلم (٢٥٣٣) بلفظ: «خير الناس ... » من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(¬٤) الأصل: «مفتن» تحريف.
(¬٥) (ف): «وقد».

الصفحة 27