كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 7)
ونباته. والحرم الذي اتفق عليه المسلمون حرمُ مكة، وأما المدينة فلها حرم محرَّم عند جمهور العلماء، كمالك والشافعي وأحمد؛ كما استفاضت بذلك الأحاديثُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وما سوى ذلك فليس بحرم باتفاق المسلمين، إلا وادي وَجّ (¬١) الذي بالطائف، فإن الشافعي قال: إنه حرم بحديثٍ رُوي في ذلك رواه أحمد في "المسند" (¬٢)، وأما جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد فليس ذلك بحرم عندهم، وضعّفوا الحديثَ المرويَّ في ذلك. وما سوى هذه البقاع الثلاثة فليس حرمًا باتفاق المسلمين.
والعلماء قد تنازعوا [ق ٧٤] في تعريف الإنسان بمِصْره، مثل من يذهب عشيّة عرَفَة إلى مسجد بلده يدعو فيه ويذكر الله تعالى، فكَرِه ذلك مالك وأبو (¬٣) حنيفة وغيرهما، ورخَّص [فيه] أحمد بن حنبل، ولكنه لم يكن يفعله ولا يأمر به، ولم يُنقل عن الشافعي فيه شيء. وأحمد إنما رخَّص فيه قال: لأنه رخَّص فيه ابنُ عباس بالبصرة،
---------------
(¬١) الأصل: "قرج" تحريف.
(¬٢) (١٤١٦). وأخرجه أبو داود (٢٠٣٤)، والبيهقي: (٥/ ٢٠٠) من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه. ومداره على محمد بن عبد الله الطائفي وليس بالقوي، قال البخاري: لا يتابع عليه، وقال أبو حاتم: لا يصح حديثه، وضعفه أحمد، والنووي والدارقطني وغيرهم. وحسنه المنذري وصححه ابن الملقن. انظر "البدر المنير": (٦/ ٣٦٧ - ٣٧٠).
(¬٣) الأصل: "أبي".