كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 7)
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: ٧ - ٨]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استغنت فاستعن بالله" (¬١).
وفي "المسند" (¬٢) أن أبا بكر الصديق كان يسقط السوط من يده فلا يقول لأحدٍ: ناولني إياه، ويقول: إن خليلي أمرني أن لا أسأل الناسَ شيئًا. وكذلك كان عوف الأشجعي وغيره ممن وصّاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن لا تسأل الناسَ شيئًا (¬٣).
وهذا لأن جِماع (¬٤) الدين أن لا يعبدَ (¬٥) الناسُ إلا الله، وأن يعبدوه بما شرع، لا يعبدوه بالبدع، كما قال الفُضَيل بن عياض في قوله عزَّ وجلَّ: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: ٢] قال الفُضَيل: أخْلَصه وأَصْوَبه. قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وما أصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم
---------------
(¬١) أخرجه الترمذي (٢٥١٦)، وأحمد (٢٦٦٩) وغيرهما من طرق كثيرة عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال الترمذي: حسن صحيح. وحسن إسناده ابن رجب في "نور الاقتباس" (ص ٣١).
(¬٢) (٦٥).
(¬٣) أخرجه مسلم (١٠٤٣). وكذلك أوصى أبا ذر أخرجه ابن أبي شيبة (٣٥٤٩١)، والطبراني في "الكبير": (٢/ ٢١٢). وأوصى ثوبان أخرجه أحمد (٢٢٨٣٥)، وابن ماجه (١٨٣٧).
(¬٤) الأصل: "إجماع"، تحريف.
(¬٥) الأصل: "يعبدوا" ولها وجه، لكن ليست من أسلوب المؤلف.