كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 7)
فإن كانوا هؤلاء الذين لم ينتهوا عن الربا، قد أمر الله بمحاربتهم، مع أن الربا مالٌ يؤخذ برضا المتعاقدين، فكيف بمن يستحلُّ دماءَ المسلمين وأموالَهم، وإفساد دينهم ودنياهم؟ فطاعتهم (¬١) ودين الإسلام لا يجتمعان.
ولما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم -[و] ارتدَّ مَن ارتدَّ قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله (¬٢) " فقال له أبو بكر: ألم يقل: "إلا بحقها" فإن الزكاة مِنْ حقِّها، والله لو منعوني عناقًا (¬٣) كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فما هو إلا أن رأيتُ أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعلمت أنه الحق (¬٤).
فقد قاتل الصحابة من كان مسلمًا لكونه لا يؤدي الزكاة، وقد ثبت في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجهٍ أنه ذكر الخوارج فقال: "يحقر أحدُكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق
---------------
(¬١) العبارة في الأصل: "وطاعته" ولا يستقيم بها المعنى.
(¬٢) "إلا بحقها وحسابهم على الله" تكررت في الأصل.
(¬٣) علق في هامش الأصل: لعله عقالاً. أقول: وهو لفظ آخر للحديث.
(¬٤) أخرجه البخاري (١٣٩٩، ١٤٠٠)، ومسلم (٢٠) من حديث عمر رضي الله عنه.