كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 7)

عليه النطق عند من يخافه، بل لا بدَّ من النطق فيما بينه وبين الله.
فصل
* وأما السؤال عن القرآن إذا قرأه الأحياء للأموات فأهدوه إليهم، هل يصل ثوابه سواء كان بعيدًا أو قريبًا؟
والجواب: أن العبادات المالية كالصدقة تصل إلى الميت باتفاق الأئمة؛ لأنه تدخلها النيابة بالاتفاق، وأما العبادات البدنية كالصلاة والصيام والقراءة ففيها قولان للعلماء:
أحدهما: يصل ثوابها للميت، وهذا مذهب أحمد بن حنبل وأصحابه، وهوالذي ذكره الحنفية مذهبًا لأبي حنيفة، واختاره طائفةٌ من أصحاب مالك والشافعي، وقد ثبت في «الصحيح» (¬١) عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه». فجعل الصيام يقبلُ النيابة.
ومنهم من قال: إنه لا يصل، وهو المشهور من مذهب مالك والشافعي.
ومن احتجَّ على ذلك بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] فحجَّتُه داحضة؛ فإنه قد ثبت بالنص والإجماع [ق ٥٦] أنه ينتفع بالدعاء له والاستغفار والصدقة والعتق وغير ذلك، فالقول في مواقع النزاع كالقول في موارد الإجماع.
وقد ذكر الناس في الآية أقاويل، أصحها أن الآية لم تنف انتفاع
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (١٩٥٢)، ومسلم (١١٤٧) من حديث عائشة رضي الله عنها.

الصفحة 62