كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 7)
ثم بعد ذلك حدث أقوال أخر، فظن طائفةٌ أنه سمع من الله. ثم (¬١) من هؤلاء من قال: إنه يسمع صوت القارئ من الله، ومنهم من قال: إن صوت الرب حَلَّ في العبد، ومنهم من يقول: ظهر فيه ولم يحل فيه، ومنهم من يقول: لا نقول ظهر ولا حل، ثم منهم من يقول: الصوتُ المسموع غير مخلوق أو قديم، ومنهم من يقول: يسمع منه صوتان: مخلوق، وغير مخلوق. ومن القائلين بأنه مسموع من الله من يقول: بأنه يسمع المعنى القديم القائم بذات الله مع سماع الصوت المُحْدَث، قال هؤلاء: يسمع القديم والمحدث، كما قال أولئك: يسمع صوتين قديمًا ومحدثًا. وطائفة أخرى قالت: لم يسمع الناسُ كلام الله، لا من الله ولا من غيره، قالوا: لأن الكلام لا يُسمع إلا من المتكلم. ثم من هؤلاء من قال: يسمع حكايته، ومنهم من قال: يسمع عبارته لا حكايته، ومن القائلين بأنه مخلوق من قال: يُسمع شيئان الكلام المخلوق الذي (¬٢) خلقه، والصوت الذي للعبد.
وهذه الأقوال كلها مبتدعةٌ؛ لم يقل السلف شيئًا منها، وكلها باطلة شرعًا وعقلًا، ولكن ألجأ أصحابَها إليها اشتراكٌ في الألفاظ واشتباه في المعاني، فإنه إذا قيل: سمعتُ [كلام] زيدٍ، أو قيل: هذا كلام زيد، فإن هذا يقال على كلامه الذي تكلم هو به بلفظه ومعناه، سواء كان مسموعًا
---------------
(¬١) «كما سمعه موسى ... ثم» سقط من (ف).
(¬٢) (ف): «والذي».