كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 7)
العرش، وبَسَط الكلام في ذلك، ولم يتخلص من شبهة الجهمية كلّ التخليص، بل ظنّ أن الربّ لا يتصف بالأمور الاختيارية التي تتعلق [بقدرته ومشيئته، فلا يتكلم] (¬١) بمشيئته وقدرته، ولا يحب العبد ويرضى عنه بعد إيمانه وطاعته، ولا يغضب عليه ويسخط بعد كفره ومعصيته، بل ما زال (¬٢) محبًّا راضيًا أو غضبان ساخطًا على من علم أنه يموت مؤمنًا أو كافرًا، ولا يتكلم بكلام بعد كلام، وقد قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [آل عمران: ٥٩ ــ ٦٠]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [الأعراف: ١١]، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١] [ق ٦٩] وقال تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥]، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٢٨]، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد:٤]، وهذا أصل كبير قد بُسط الكلامُ عليه في غير هذا الموضع.
وإنما المقصود هنا التنبيه على مآخذ (¬٣) اختلاف المسلمين في مثل
---------------
(¬١) ما بين المعكوفين من (ف).
(¬٢) «ما زال» سقطت من (ف).
(¬٣) رسمها في الأصل: «ما أخذ».