كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 7)
وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من أعلام الإسلام، وكما دلّ على ذلك صحيح المنقول وصريح المعقول، كما هو مبسوط في موضعٍ آخر.
وكذلك لفظ «الجهة» إن أراد بالجهة أمرًا موجودًا (¬١) يحيط بالخالق أو يفتقرُ إليه، فكلّ موجود سوى الله فهو مخلوق لله، [و] الله خالق كل شيء، وكل ما سواه مفتقر إليه، وهو غني عن كل ما سواه.
وإن كان [ق ٧٠] مراده أن الله ــ سبحانه ــ فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، فهذا معنى صحيح، سواء عبَّر عنه بلفظ الجهة أو بغير لفظ الجهة.
وكذلك لفظ «الجبر» إذا قال: هذا (¬٢) العبد مجبورٌ، أو غير مجبورٍ؟ قيل له: إن أردت بالجبر أنه ليس له مشيئة، أو ليس له قدرة، أو ليس له فعل= فهذا باطل، فإن العبد فاعل لأفعاله الاختيارية، وهو يفعلها بقدرته ومشيئته. وإن أراد بالجبر أن الله خالق مشيئته وقدرته وفعله (¬٣)، فالله خالق ذلك كله.
وكذلك إذا قال: الإيمان مخلوق أو غير مخلوق؟ قيل له: ما تريد بالإيمان؟ أتريد به شيئًا من صفات الله وكلامه كقوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٦] وإيمانه الذي دلّ عليه اسمه «المؤمن»، فهذا غير مخلوق، أو
---------------
(¬١) الأصل: «أمرٌ موجود».
(¬٢) (ف): «هل».
(¬٣) يعني مشيئة العبد وقدرته وفعله.