كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 7)
خيرٌ (¬١) من أن يصلي الرجلُ وحدَه.
وهذه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه الراشدين، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُؤمّر الأمير ثم يتبيّن له فيما بعد أنه كان مذنبًا فيعزله، ولا يأمر المسلمين أن يعيدوا ما صلوه خلفه، كما أمَّر أميرًا فلم ينفذ أمره فقال: «ما منعكم أن تنفذوا أمري أو أن تولوا من ينفذ أمري» (¬٢). وإصراره على ترك تنفيذ (¬٣) أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - يقدح في دينه، ولم [ق ٧٤] يأمرهم بإعادة ما صلوه خلفه. وقد أمَّر الذي أمَر أصحابه بدخول النار فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو دخلوها لما خرجوا منها» (¬٤) ولم يأمرهم بإعادة ما صلوا. والوليد بن عُقبة بن أبي مُعَيط ولّاه فأنزل الله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] لما أخبره بمنع الذين أرسله إليهم بمنع الصدقة (¬٥). هذا إن كان معه جماعة يصلي بهم.
وقد أخبر عن الأمراء الذين يكونون بعده أنهم يستأثرون ويظلمون الناس، وأنهم يمنعون الناسَ حقوقَهم ويطلبون حقَّهم، ومع هذا فنهى
---------------
(¬١) العبارة في الأصل: «التي إن لم تصلى ... خيرًا» ولعل صوابها ما أثبت.
(¬٢) لم أجده.
(¬٣) الأصل: «شرك يتقيد».
(¬٤) أخرجه البخاري (٤٣٤٠)، ومسلم (١٨٤٠) من حديث علي رضي الله عنه.
(¬٥) أخرجه أحمد (١٨٤٥٩)، والبخاري في «الأوسط»: (١/ ٦٠٩ ــ ٦١٠) وغيرهما من حديث الحارث الخزاعي رضي الله عنه. وجوَّد إسناده السيوطي في «الدر المنثور»: (٦/ ٩١)، وله شواهد يتقوى بها.