كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 8)
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يُسلم في حائطٍ بعينه إلا أن يكون قد بدا صلاحُه. فهو إذا بدا صلاحُه وقال: أسلمتُ إليك في عشرة أوسُقٍ من تمر هذا الحائط جاز. كما يجوز أن يقول: ابتعتُ عشرةَ أوسُقٍ من هذه الصُّبرة، ولكن التمر يتأخر قبضُه إلى كمالِ صلاحِه، فإذا عجل له الثمن قيل له سلف، لأن السلف هو الذي تقدم، والسالف: المتقدم، قال الله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} [الزخرف: ٥٦]. والعرب تُسمّي أول الرواحل: السالفة، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الحقي سلفنا الخيّر عثمان بن مظعون» (¬١)، وقوله: «حتى تنفردَ سالفتي» (¬٢) وهي العنق.
ولفظ «السلف» يتناول القرض والسَّلَم، لأن المقرض أيضًا سلَّف القرضَ، أي قدَّمه وعجَّله، لكن هذا تبرع بالمنفعة، وفيه حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحلُّ سلفٌ وبيع، وشرطانِ في بيع، ولا ربح ما لم يُضمَن، ولا بيع ما ليس عندك» (¬٣). ومنه الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استلفَ بَكْرًا وقضَى جملًا رَبَاعيًا (¬٤).
والذي يبيع ما ليس عنده لا يقصد إلا الربح، وهو تاجر، فيسلف
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٧، ٣٣٥) عن ابن عباس. وإسناده ضعيف، فيه علي بن يزيد، وهو ضعيف.
(¬٢) ورد ضمن حديث المسور بن مخرمةومروان بن الحكم، الذي أخرجه البخاري (٢٧٣١، ٢٧٣٢).
(¬٣) سبق تخريجه.
(¬٤) سبق تخريجه.