كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 8)
صفًّا واحدًا، بل هذا يكون ظاهر الكلام.
ونظير هذا الحديث في صفة جماع أهل الجنّة: «دَحْمًا دَحْمًا» (¬١)، أي: وطْأً بعد وطءٍ.
وأمَّا قوله سبحانه وتعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: ١]، فليس من التكرار من شيء، فإنَّ إضافة الزلزال يفيد معنًى زائدًا، وهو زلزالها المختص بها المعروف منها المتوقَّع منها، كما تقول: غضب زيدٌ غضبه، وقاتل قتاله، أي: غضبه الذي يعهد منه، وقتاله المختص به الذي يعرف منه، ومنه:
أنا أبو النجْمِ وشعرِي شعرِي (¬٢)
وأمَّا قوله سبحانه وتعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦]، فهما جملتان مفيدتان معنيين:
أحدهما: أن الله سبحانه إذا أمرهم بالأمر لا يعصونه في أمره.
والثانية: أنهم لا يفعلون شيئًا من عند أنفسهم إنما فعلهم ما أمرهم به ربهم، فهم يفعلون ما يؤمرون لا ما لا يؤمرون، بل أفعالهم كلهم
---------------
(¬١) أخرجه ابن حبّان في صحيحه (٧٤٠٢) وأبو نعيم في صفة الجنة (٣٩٣) عن أبي هريرة. وإسناده حسن.
(¬٢) الرجز لأبي النجم العجلي في الخصائص (٣/ ٣٣٧) وأمالي المرتضى (١/ ٣٥٠) وشرح شواهد المغني (٢/ ٩٤٧).