كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 8)

إخوانه من المؤمنين أولى، فإنه إلى هذا أحوج، وهو عليه أوكدُ إيجابًا أو استحبابًا، إذ التأليف بين الناس والإصلاح بينهم فرعُ مؤالفتِه لهم وصلاح حالهِ معهم. قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١]، وقال: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} [المؤمنون: ٩٦]، وقال: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: ٨٣]، وقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩]، وقال: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠]، وقال: {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: ١١٤].
والمحاربة الشرعية أصلها ظاهرًا لأهل الحرب من الكفار، وفي الباطن وبعضِ الظاهر للمنافقين، والمرخَّص فيه هو المعاريض بالاتفاق، وقد يسمَّى كذبًا، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لم يَكذِبْ إبراهيم إلّا ثلاثَ كذباتٍ كلُّهنّ في ذات الله" (¬١). وهذه الثلاث هي من باب المعاريض.
وأما الكذب الصريح ففيه قولان، أظهرهما أنه لا يباح، ولهذا قالت: ولم أسمعه يُرخِّص فيما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث.
ومن الحرب المباحة دفعُ المظالم عن النفوس والأموال والأبضاع المعصومة (¬٢).
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٣٣٥٧، ٣٣٥٨) ومسلم (٢٣٧١) عن أبي هريرة.
(¬٢) بعده في الأصل بياض بقدر تسعة أسطر.

الصفحة 68