كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 9)

يُصْنَع بها، فهذا باطلٌ، كما تقدم بيانه.
وحينئذٍ لا يلزم الجبر، بل يُبْسَطُ بساطُ الشرع، ويُنْشَرُ عَلَمُ (¬١) الأمر والنهي، ويكونُ لله الحجة البالغة.
فقد بان لك [أن] إطلاق القول بإثبات التأثير أو نفيه، دون الاستفصال وتبيين معنى التأثير، ركوبُ جهالاتٍ واعتقادُ ضلالات، ولقد صدق القائل: "أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء" (¬٢).
وبان لك أن ارتباطَ الفعل المخلوق بالقدرة المخلوقة ارتباطُ المسبَّبات بأسبابها (¬٣)، ويدخل في عموم ذلك جميعُ ما خلقه الله في السموات والأرض والدنيا والآخرة؛ فإن اعتقادَ تأثير الأسباب على الاستقلال (¬٤) دخولٌ في الضلال، واعتقادَ نفي أثرها وإلغاءه ركوبُ المحال، وإن كان لقدرة الإنسان شأنٌ ليس لغيرها كما سنومئ إليه إن شاء الله.
فلعلَّك تقولُ بعد هذا البيان: أنا لا أفهمُ الأسباب، ولا أخرجُ عن دائرة التقسيم والمطالبة بأحد القسمين، وما أنتَ إن قلتَ هذا إلا مسبوقٌ بخلقٍ
---------------
(¬١) الأصل: "على". والمثبت من (ف) أظهر.
(¬٢) القول في "الصفدية" (٢/ ٣٠)، و"منهاج السنة" (٢/ ٢١٧)، و"بيان تلبيس الجهمية" (٧/ ٤٠٠)، و"درء التعارض" (١/ ٢٩٩)، و"الجواب الصحيح" (٤/ ٦٧)، و"جامع المسائل" (٧/ ٨٩)، و"مجموع الفتاوى" (٥/ ٢١٧، ٧/ ٦٦٤، ١٢/ ٤٥٢، ٥٥٢، ١٩/ ١٤٠) دون نسبة. وانظر لآفة اشتراك الأسماء وترك التفصيل: "إحكام الأحكام" لابن حزم (٦/ ٧٠).
(¬٣) (ف): "الأسباب بمسبباتها". وهو خطأ.
(¬٤) الأصل: "الاستطلاق"، وهو تحريف صوابه في (ف).

الصفحة 100